فيأكلون الخبيث ويدعون الطّيّب ، فقلت : من هؤلاء ، يا جبرئيل؟
فقال : هؤلاء الّذين يأكلون الحرام ويدعون الحلال ، وهم من أمّتك ، يا محمّد.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ثمّ رأيت ملكا من الملائكة جعل الله أمره عجبا ، نصف جسده نار والنّصف الآخر ثلج ، فلا النّار تذيب الثّلج ولا الثّلج يطفئ النّار ، وهو ينادي بصوت رفيع يقول : سبحان الّذي كفّ حرّ هذه النّار فلا يذيب (١) الثّلج ، وكفّ برد هذا الثّلج فلا يطفئ حرّ هذه النّار. اللهمّ ، يا مؤلّف بين الثّلج والنّار ، ألّف بين قلوب عبادك المؤمنين.
فقلت : من هذا ، يا جبرئيل؟
فقال : هذا ملك وكلّه الله بأكناف السّماء (٢) وأطراف الأرضين ، وهو أنصح ملائكة الله (٣) لأهل الأرض من عباده المؤمنين ، يدعو لهم بما تسمع منذ خلق ، وملكان يناديان في السّماء : أحدهما يقول : الّلهمّ ، أعط كلّ منفق خلفا ، والآخر يقول : الّلهمّ ، أعط كلّ ممسك تلفا.
ثمّ مضيت ، فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر الإبل ، يقرض اللّحم من جنوبهم ويلقى في أفواههم ، [ويخرج من أدبارهم] (٤). فقلت : من هؤلاء ، يا جبرئيل؟
فقال : هؤلاء الهمّازون اللّمّازون.
ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام ترضخ (٥) رؤوسهم (٦) بالصّخر ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟
فقال : هؤلاء الّذين ناموا (٧) عن صلاة العشاء.
ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام تقذف النّار في أفواههم وتخرج من أدبارهم ، فقلت : من هؤلاء ، يا جبرئيل؟
فقال : هؤلاء الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلما (٨) ، إنّما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا.
__________________
(١) المصدر : فلا تذيب.
(٢) المصدر : السموات.
(٣) ب : أنصح الملائكة.
(٤) ليس في المصدر.
(٥) ب ، ر : ترضّ.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : وجوههم.
(٧) المصدر : ينامون.
(٨) ليس في ب.