الجود. والمعنى : واخفض لهما جناحك الذّليل.
وقرئ (١) : «الذّل» بالكسر ، وهو الانقياد ، والنّعت منه ذلول.
(مِنَ الرَّحْمَةِ) : من فرط رحمتك عليهما ، لافتقارهما إلى من كان أفقر خلق الله إليهما بالأمس.
(وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما) : وادع الله أن يرحمهما برحمته الباقية ولا تكتف برحمتك الفانية ، وإن كانا كافرين ، لأنّ من الرّحمة أن يهديهما.
(كَما رَبَّيانِي صَغِيراً) (٢٤) : رحمة مثل رحمتهما عليّ ، وتربيتهما إليّ ، وإرشادهما لي في صغري ، وفاء بوعدك للرّاحمين.
نقل (٢) : أنّ رجلا قال لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّ أبويّ بلغا من الكبر اني ألِي منهما ما وليا منّي في الصّغر ، فهل قضيتهما حقّهما؟
قال : لا ، فإنّهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبّان بقاءك ، وأنت تفعل ذلك وأنت تريد موتهما.
وفي كتاب التّوحيد (٣) ، بإسناده إلى ابن عبّاس : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، وفيه : فقال الشّيخ : يا أمير المؤمنين ، فما القضاء والقدر اللّذان ساقانا وما هبطنا واديا ولا علونا تلعة (٤) إلّا بهما؟
فقال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : الأمر من الله والحكم. ثمّ تلا هذه الآية : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً).
وفي أصول الكافي (٥) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى. وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولّاد الحنّاط (٦) قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) ما هذا الإحسان؟
فقال : الإحسان أن تحسن صحبتهما ، وأن لا تكلّفهما أن يسألاك شيئا [ممّا يحتاجان إليه] (٧) وإن كانا مستغنيين ، أليس يقول الله (٨) ـ عزّ وجلّ ـ :
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٨٢.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) التوحيد / ٣٨٢ ، ح ٢٨.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : قلعة.
(٥) الكافي ٢ / ١٥٧ ـ ١٥٨.
(٦) أ ، ب ، ر : الخياط.
(٧) من المصدر.
(٨) آل عمران / ٩٢.