والتّمييز بالعقل ، والإفهام بالنّطق ، والإشارة والخطّ ، والتّهدّي إلى أسباب المعاش والمعاد ، والتّسلّط على ما في الأرض ، والتّمكّن من الصّناعات ، وانسياق الأسباب والمسبّبات العلويّة والسّفليّة إلى ما يعود عليهم (١) بالمنافع ، إلى غير ذلك ممّا يقف الحصر دون إحصائه ، ومن ذلك ما ذكره ابن عباس عنه (٢) : وهو أنّ كلّ (٣) حيوان يتناول طعامه بفيه إلّا الإنسان ، فإنّه يرفعه إليه بيده.
(وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) : على الدّوابّ والسّفن ، من حملته حملا : إذا جعلت له ما يركبه. أو حملناهم فيهما حتّى لم تخسف (٤) بهم الأرض ، ولم يغرقهم الماء.
(وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) : المستلذّات ، ممّا يحصل بفعلهم وبغير فعلهم.
(وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) (٧٠) : بالغلبة والاستيلاء ، أو بالشّرف والكرامة.
[، والمستثنى جنس الملائكة ـ عليهم الصلاة والسلام ـ أو الخواص منهم ، ولا يلزم من عدم تفضيل الجنس عدم تفضيل بعض أفراده.] (٥).
ويجوز تفضيل الجنس باعتبار تفضيل بعض أفراده.
وفي أمالي شيخ الطّائفة (٦) ـ قدّس سرّه ـ بإسناده إلى زيد بن عليّ ـ عليه السّلام ـ : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) يقول : فضّلنا بني آدم على سائر الخلق.
(وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) يقول : على الرّطب واليابس.
(وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) يقول : من طيّبات الثّمار كلّها.
(وَفَضَّلْناهُمْ) يقول : ليس من دابّة ولا طائر إلّا وهي تأكل وتشرب بفيها ، ولا ترفع بيدها إلى فيها طعاما ولا شرابا غير ابن آدم ، فإنّه يرفع إلى فيه بيده طعامه ، فهذا من التّفضيل.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : حدّثنا جعفر بن أحمد قال : حدّثنا عبد الكريم بن
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : «إليه عملهم» بدل «عليهم».
(٢) ليس في المصدر.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : كلّا.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : لا يخسف.
(٥) من أنوار التنزيل ١ / ٥٩٢.
(٦) أمالي الطوسي ٢ / ١٠٣.
(٧) تفسير القمّي ٢ / ٢٢.