ثمّ قال : (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) ، أي تصعد في السّماء (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) ، أي : لصعودك (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) من الله العزيز الحكيم إلى عبد الله بن [أبي] (١) أميّة المخزوميّ ومن معه ، بأن آمنوا بمحمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب فإنّه رسولي فصّدقوه في مقاله فإنّه من عندي. ثمّ لا أدري ، يا محمّد ، إذا فعلت هذا كلّه نؤمن (٢) بك أو لا نؤمن (٣) بك ، بل لو رفعتنا إلى السّماء وفتحت أبوابها وأدخلتناها لقلنا : (إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) (٤) أو سحرتنا.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : [أمّا قولك : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ]) (٥) (حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) إلى آخر ما قلته ، فإنّك قد اقترحت على محمّد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أشياء (٦) : منها [ما] (٧) لو جاءك به لم يكن برهانا (٨) لنبوّته ، ورسول الله (٩) يرتفع عن أن يغتنم جهل الجاهلين ويحتجّ عليهم بما لا حجّة فيه. ومنها [ما] (١٠) لو جاءك به لكان معه هلاكك ، وإنّما يؤتى بالحجج والبراهين ليلزم عباد الله الإيمان بها لا ليهلكوا بها ، فإنّما اقترحت هلاكك وربّ العالمين أرحم بعباده وأعلم بمصالحهم من أن يهلكهم ، كما يقترحون (١١). ومنها المحال الّذي لا يصحّ ولا يجوز كونه ، ورسول ربّ العالمين يعرّفك ذلك ، ويقطع معاذيرك ، ويضيّق [عليك] (١٢) سبيل مخالفته ، ويلجئك بحجج الله إلى تصديقه ، حتّى لا يكون لك عنه محيد ولا محيص. [ومنها ما قد اعترفت على نفسك] (١٣) أنّك فيه معاند متمرّد لا تقبل حجّة ولا تصغي إلى برهان ، ومن كان كذلك فدواؤه عذاب الله (١٤) النّازل من سمائه أو (١٥) في حميمه أو بسيوف أوليائه.
وأمّا قولك ، يا عبد الله : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) بمكّة هذه ، فإنّها ذات أحجار وصخور وجبال ، تكسح أرضها وتحفرها وتجري فيها العيون ، فإنّا
__________________
(١) من المصدر.
(٢) المصدر : أؤمن.
(٣) المصدر لا أؤمن.
(٤) الحجر / ١٥.
(٥) ليس في أ ، ب ، ر.
(٦) ليس في ب.
(٧) من المصدر.
(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ : برهانه.
(٩) ليس في أ ، ب ، ر.
(١٠) من المصدر.
(١١) المصدر : تقترحون.
(١٢) من المصدر. (١٣) من المصدر.
(١٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : النّار. (١٥) ليس في المصدر.