وربّ العالمين فوق هؤلاء كلّهم فهم عبيده ، ولو كنت نبيّا لكان معك ملك يسدّدك (١) ونشاهده ، بل لو أراد الله أن يبعث إلينا نبيّا لكان إنّما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا ما أنت ، يا محمّد ، إلّا مسحور (٢) ولست بنبيّ.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : هل بقي من كلامك شيء؟
قال : بلى ، لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث أجلّ من فيما بيننا ، [أكثره] (٣) مالا وأحسنه حالا ، فهلّا أنزل (٤) هذا القرآن الّذي تزعم أنّ الله أنزله عليك وابتعثك (٥) به رسولا على رجل من القريتين عظيم ، إمّا الوليد بن المغيرة بمكّة وإمّا عروة بن مسعود الثّقفيّ بالطّائف.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : هل بقي من كلامك شيء [، يا عبد الله] (٦)؟
فقال بلى ، لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعا بمكّة هذه ، فإنّها ذات أحجار وعرة (٧) وجبال ، تكسح أرضها وتحفرها (٨) وتجري منها العيون ، فإننّا إلى ذلك محتاجون. أو تكون لك جنّة من نخيل وأعناب (٩) [فتأكل] (١٠) منها وتطعمنا ، وتفجر الأنهار خلال تلك النّخيل والأعناب [تفجيرا] (١١). أو تسقط السّماء ، كما زعمت ، علينا كسفا فإنّك قلت لنا : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) (١٢). فلعلّنا نقول (١٣) ذلك ، ثمّ قال : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) تأتي به وبهم (١٤) وهم لنا مقابلون. أو يكون لك بيت من زخرف تعطينا منه وتغنينا به فلعلّنا نطغى ، فإنّك قلت : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى ، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (١٥).
__________________
(١) المصدر : يصدّقك.
(٢) المصدر : رجلا مسحورا.
(٣) من المصدر.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : نزل.
(٥) أ ، ب : أبعثك.
(٦) ليس في ب.
(٧) كذا في المصدر. ولا يوجد في أ ، ب ، بدلها شيء. وفي غيرهما : وصخور.
(٨) كذا في أ ، ب ، ر ، المصدر. وفي غيرها : تفّجرها.
(٩) كذا في ب. وفي غيرها : عناب. وفي المصدر : عنب.
(١٠ و ١١) من المصدر.
(١٢) الطّور / ٤٤.
(١٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : فلعلّك تقول.
(١٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : وتأتي بهم وبربّهم.
(١٥) العلق / ٦ و ٧.