سؤال : ما سبب أهمية التوحيد؟ وما سبب ذم الشرك وبغضه إلى هذا الحد؟
الجواب : فلسفة الأهمية البالغة للتوحيد والذم الشديد للشرك هي امور مختلفة نشير إلى بعضها :
الأول : أول أثر وبركة للتوحيد هو اتّحاد المجتمعات البشرية. تختلف البشرية فيما بينها باللغات والأعراف والعقائد والأفكار والتقاليد والثقافة وما شابه ذلك ، وفي بلد مثل ايران حيث يشكّل جزءً بسيطاً من العالم توجد لغات عديدة وثقافات وأقوام متنوّعة ، وقس عليه باقي أرجاء المعمورة ، ففيها آلاف اللغات والقوميات والثقافات ، لكن يا ترى ما حلقة الاتصال بين البشر؟ وما نقطة الاشتراك بينهم؟ وإذا قرّرت الشعوب والحكومات العيش تحت ظلِّ حكومة عالمية واحدة فما الذي يشتركون فيه؟
لا شكَّ أن التوحيد المتجذّر في معتقداتهم الأساسية يشكّل أهم عامل في اتحادهم ، فالتوحيد محور جيّد جداً للاتّحاد وحبل متين يمكن للجميع أن يتمسك به.
يشير الله إلى هذا المطلب في الآية ٦٤ من سورة آل عمران قائلاً :
(قُلْ يَا أهْلَ الكِتَابِ تَعَالوا إلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وبَيْنَكُمْ ألَّا نَعْبُدَ إلَّااللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ)
تتجلَّى هذه الوحدة في مراسم الحج على أرض الحجاز ، حيث يمكن مشاهدة الملايين من المسلمين من بلاد مختلفة وبألوان ولغات وثقافات وتقاليد متفاوتة جميعهم محتشدين هناك متجهين نحو كعبة معبودهم ، يبدون كالنهر الشفاف قاصداً الالتحاق ببحر الوحدة اللامتناهي ينبعون من قلل الانسانية العالية ويلتقون حول الكعبة معلنين خضوعهم وتسليمهم للحق تعالى.
في آخر صلاة جمعة قبل عرفة في مكة المكرمة يشترك أكثر من مليون مسلم ، وهي أعظم صلاة جمعة للمسلمين في السنة ، يصطفون جميعم في صفوف العبودية ويرفعون أيديهم دفعة واحدة داعين ربَّهم معظّمينه وممجّدينه ، فيركعون متّحدين ، ويسجدون متّحدين ، وبذلك