تتشكّل لقطات بديعة فريدة للاتحاد والتلاحم (١).
يا ترى كم ستزداد اللقطة جمالاً وبداعة لو أن رقعة الاتحاد تجاوزت المسلمين لتبلغ مستوى العالم بمختلف ثقافاته ، تمسكاً بحبل الله.
إذن ، الاتحاد من الآثار المهمة للتوحيد ، وفي قباله الشرك الذي يؤدي إلى التفرّق والاختلاف. كان للعرب الجاهليين ثلاثمائة وستين صنماً ، وهذا يعني اختلافهم وتشتتهم إلى ثلاثمائة وستين فرقة صغيرة وانقسام مجتمعهم إلى هذا العدد رغم صغره ، ومن الطبيعي أن لا يخلو هكذا مجتمع من نزاع وجدال وصراع وقتل وعصيان وأن لا يكون له نصيب من السعادة والهدوء ، لكن هذا المجتمع اتَّحد وتماسك في ظل التوحيد وهداية الاسلام ورسوله ، وتفوّق عندها على جميع المجتمعات.
الثاني : الأثر الآخر للتوحيد هو منحه الموحّدين قدرة وقوّة ، كما أن الشرك يسلب عن المشركين قدرتهم ويجعلهم عاجزين.
ما انفك المشركون عن حياكة المؤامرات ضد الرسول صلىاللهعليهوآله والمسلمين عند ما كانوا اقلية في مجتمع مكة ، فكانوا يأتون كل يوم بمؤامرة جديدة سعياً لإطفاء نور الاسلام وإخماد جذوته.
جاء رؤساء قريش لأبي طالب في يوم من الأيام لكي يعلنوا وقف اطلاق النار ـ كما يصطلح عليه حالياً ـ مع الرسول صلىاللهعليهوآله وبعد النقاش الذي دار بين الطرفين قال الرسول صلىاللهعليهوآله : مخاطباً أبا جهل : «أدعوهم إلى أن يتكلّموا بكلمة تدين لهم بها العرب ويملكون بها العجم» ، فقال أبو جهل : ما هي وأبيك لنعطيكها وعشر أمثالها؟ قال : «تقولون لا إله الَّا الله وتخلعون الأنداد من دونه» (٢).
لا زالت هذه العبارة التي أطلقها رسول الله صلىاللهعليهوآله تشكّل طريق حلٍّ للبشر حيث عيوا الحروب والخلافات والنزاعات ؛ وذلك لأن الرجوع إلى شجرة التوحيد الطيبة هو الحل
__________________
(١) ممَّا يؤسف له أن هذه الصلاة وهذا التجمع العظيم لا يستخدم لغرض حل مشاكل المسلمين في الوقت الراهن ، بل يقتصر الامام على ذكر مطالب تكررت على المسلمين منذ مئات الأعوام.
(٢) فروغ ابدّيت ١ : ٢٢٢ (بالفارسية) ، على أن السير نقلت هذا الحادث بأشكال شتَّى ، راجع المنتظم ٢ : ٣٦٩ ، وكذا تفسير مجمع البيان ٨ : ٣٤٣.