الوحيد لحلِّ هذه المشاكل وبلوغ السلطة المتزامنة مع العزة والأمان والهدوء والطمأنينة والعدالة الحقيقية.
تعالوا نفكر ونتأمل في كيفية تبديل الاسلام عرب الجاهلية في مكة والمدينة ، الذين كانوا غارقين بالاختلاف والنزاعات الدامية ، إلى اناسٍ مقتدرين وذوي عزّة استطاعوا تحت ظلِّ الاخوّة والاتحاد أن يفتحوا شرق الأرض وغربها في أقل من نصف قرن؟ ألم تكن تلك العظمة ثمرة للتوحيد والتمسك بحبل الله؟
الثالث : التوحيد يأتي بالهدوء والطمأنينة إلى المجتمع. السبب الأساس للجرائم والمعاصي في الدنيا هو الشرك وعبادة الأصنام ، والشرك لا يقتصر على عبادة الأخشاب والاحجار بل يشمل كل عبادة لغير الله من المقام والهوى وما شابه ، فهذه كلها شرك نوعاً ما ، والانسان عند ما يعبد هذه الامور يغفل عن الله فيرتكب الكثير من الذنوب والمعاصي والجرائم.
تقدّمت الاشارة إلى رواية حكت أن الشيطان قبَّل أول درهم ودينار ضربا في الأرض ، ونظر إليهما ووضعهما على عينيه ثم ضمهما إلى صدره ثمّ قال : «أنتما قرَّة عيني وثمرة فؤادي ما أُبالي من بني آدم إذا أحبوكما أن لا يعبدوا وثناً ، حسبي من بني آدم أن يحبوكما» (١).
لا زال الشرك رائجاً في عصرنا رغم حلول الفكر والتعقل مكان الجهل ، فكم من جرائم تُرتكب لأجل جمع المال واكتنازه؟ لا هدوء ولا أمان في مجتمعات هذا العصر ، بل النزاع والاضطراب هو الحاكم فيها ، ولو كانت المجتمعات موحِّدة لحلَّ فيها الأمان والطمأنينة والهدوء.
لبلوغ المجتمع الموحِّد علينا كسر أصنام أنفسنا ، وعلينا مراجعة معبد الأصنام الكائن في قلوبنا بين الحين والآخر لنكسر الأصنام التي تكوّنت فيها. ما أحلى القلوب التي شأنها شأن الكعبة بعد الاسلام حيث تكسَّرت جميع الأصنام التي كانت فيها.
إنَّ قلوب البعض تشبه الكعبة قبل الاسلام حيث كانت تكتض بالأصنام ، لكن أصنامها من نوع الثروة والمال والنساء والأولاد والجاه والمقام والأماني وغيرها.
القلب بيت الله علينا تطهيره من كل الأصنام ، ومن صدأ الشرك لكي نشاهد من خلاله صاحب البيت الأصلي.
__________________
(١) ميزان الحكمة ، الباب ٣٧٥٠ ، الحديث ١٩٠٢٦.