الآخر بالهداية الالهامية وبعضها من خلال التعاليم التي يأتي بها الإنبياء والأوصياء ، والمسلَّم هو أن الموجودات كلها مشمولة بهداية الله تعالى ، ولو لم تكن هدايته لما اهتدى موجود أبداً.
على سبيل المثال ، توجد طيور لا تعرف امها ولا أبيها ؛ لأنها لم ترَ والديها أبداً ، فهما يموتان قبل تفقس البيوض ، رغم ذلك نرى الفراخ تَخرج من البيوض وهي تعلم منهج حياتها من الطيران والبحث عن الطعام واختيار الطعام المناسب والتزاوج والتلاقح وصناعة العش وما شابه ذلك ، فكيف أمكنها تعلُّم ذلك دون أن يكون لها مرشداً من أب أو ام؟ ذلك عين الهداية الغريزية والتكوينية التي منحها الله سبحانه للموجودات ، (الذي أعْطَى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى!)
شملتنا نحن البشر الهداية التكوينية والتشريعية كذلك ، فمن الذي علَّم حديث الولادة أن يمصَّ ثدي امه؟ ومَن عَلَّمه أن يبكي عند ما يشعر بالجوع أو العطش أو الألم؟ هذه كلها من مصاديق الهداية التكوينية ، أما الهداية التشريعية فهي التي شملتنا بواسطة تعاليم الرسل والأنبياء والأئمة.
كما أنَّ نور الشمس يربّي الموجودات ويجعلها تنمو كذلك الله خالق الموجودات فهو يربّيها ، ولهذا اطلق عليه (رب العالمين) ، ونكرّر هذه الصفة مرّتين في كل صلاة نصلّيها.
تربية الله للانسان تبدأ منذ انعقاد النطفة وتستمر حتى نهاية عمره ، ولو انقطع فيض الله ورعايته لنا لحظة واحدة انتهينا جميعاً ، ولهذا نقول بأن حياة جميع الموجودات بيد الله الحسيب.
الأثر الآخر لنور الشمس هو كونه منشأ للطاقة ، والله تعالى منشأ لجميع الطاقات المتصوّرة في العالم حتى الشمس التي هي منشأ كل طاقة مادية على وجه الأرض ، فهي من مخلوقاته تعالى وتستلهم طاقتها منه ، ولو انقطعت فيوضات الله تعالى عن الشمس للحظة واحدة لتلاشت بحيث لا يبقى منها شيء رغم عظمتها وضخامتها ، ولهذا يُقال : (لا حول ولا قوّة إلَّا بالله العلي العظيم).
الله عظيم يمكنه منح المخلوقات حركة وقدرة وقابلية ، وهو الوحيد القادر على خلق موانع مادية للحركة ، وقادر كذلك على رفعها ، فلو أراد تلاشت كل قدرة ، أمَّا البشر فضعيف إلى