كان قلب علي مفعماً بحب الرسول ، وقلوب الشيعة مفعمة بحب علي ، كانت حياة علي إلهاماً من حياة الرسول ، وحياة الشيعة إلهاماً من حياة علي ، وعلي ضحَّى بنفسه في سبيل الرسول ، والشيعة يضحّون بأنفسهم في سبيل علي المرتضى.
تكميلاً للبحث نذكر نموذجين من تضيحات الامام علي عليهالسلام في سبيل الرسول صلىاللهعليهوآله.
الف : جاء في الآية ٢٠٧ من سورة البقرة :
(وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ واللهُ رَؤوفٌ بالعِبَادِ)
العلَّامة الأميني رحمهالله من عشاق أمير المؤمنين ومن شيعته ينقل في الجزء الثاني من كتابه القيِّم (الغدير) تذييلاً للآية عشر مصادر معروفة لأهل السنة يعترفُون فيها بنزول الآية في شأن علي عليهالسلام ، ويدَّعي التواتر في الروايات المنقولة هنا.
جاء في روايات هذا الباب : «كمن المتآمرون حول بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله محدقين به من كلِّ جانب ، ومكثوا يرقبون ريثما يغلب عليه النوم لينهالوا عليه بضرباتهم ، لكنَّ الحق تعالى أطلع رسوله على مكرهم ، ونزل جبرئيل بقوله عزوجل :
(وَإذْ يَمكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أْوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمكُرُون وَيَمكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيرُ المَاكِرِينَ) (١).
وأتاه الأمر بأن ينام أمير المؤمنين عليهالسلام في فراشه وأن يغادر مكة فأخبر علياً عليهالسلام أن المشركين آتون في طلبه الليلة ، وأنه أمر بالرحيل عن مكة إلى غار ثور ، وأمر بأن يخلّفه في فراشه ، كي لا يعلم المشركون برحيله ، فسأله عليهالسلام : وهل ستكتب لك السلامة؟ قال : أجل ، قال : حبّاً وكرامة ، ثم سجد لله شاكراً ، وكانت تلك أول سجدة شكر في هذه الامة ، ثمّ رفع رأسه وقال : اذهب أينما أمرت روحي لك الفداء ، ثمّ احتضنه صلىاللهعليهوآله وبكى ، ثمّ استودعه الله ، وأخذ جبرئيل بيده وخرج به من البيت وهو يقرأ :
(وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَينَاهُمْ فَهُمْ لَايُبْصِرُونَ) (٢).
__________________
(١) الأنفال : ٣٠.
(٢) يس : ٩.