فلمّا تقاطروا إلى البيت عند الصبح وقف لهم أمير المؤمنين عليهالسلام زاعقاً بهم ، فسألوه : أين محمد؟ فأجاب : وهل أودعتموه عندي؟ لقد خرج ...» (١).
وبعد ما دار نقاش بين الإمام وأبي جهل ، قال الأخير : لا تشتغلوا بعلي المخدوع لينجو بهلاكه محمد ، وإلَّا فما منعه أن يبيت في موضعه وإن كان ربّه يمنع عنه كما يزعم؟
فقال علي عليهالسلام : «ألي تقول هذا يا أبا جهل؟ بل الله قد أعطاني من العقل ما لو قسّم على جميع حمقاء الدنيا ومجانينها لصاروا به عقلاء ومن القوّة ما لو قسّم على جميع ضعفاء الدنيا لصاروا به أقوياء ، ومن الشجاعة ما لو قسّم على جميع جبناء الدنيا لصاروا به شجعاناً ...» (٢).
باء : فرَّ المسلمون في معركة احد عند ما واجهوا الخسارة ، لكن عليّاً بقي يدافع عن الرسول ويصدّ كل ضربة توجَّه إليه ، فكانت النتيجة ٩٠ جرحاً ، وبعد انتهاء المعركة بعث الرسول بطبيبين إلى علي ، لكنهم عجزوا عن معالجته ، وكلما خاطوا جرحاً انفتق جرح آخر لتقاربها.
ثم جاء علي إلى الرسول قائلاً له : استشهد في المعركة من استشهد من أبطال الاسلام لكن الشهادة حيزت عنّي وشق ذلك عليَّ.
فقال له الرسول صلىاللهعليهوآله : «أبشر فانَّ الشهادة من ورائك» (٣).
وعند ما ضربه عبد الرحمن بن ملجم تذكّر ما بشره به رسول الله صلىاللهعليهوآله من الشهادة والقتل في سبيل الله فصاح بصوت عالٍ : «فُزْتُ وربِّ الكعبة» (٤).
النتيجة أن علياً عليهالسلام أثبت حبّه الوافر للرسول وتضحيته في هذا السبيل ، كما اتّضح أن الاسلام كأفضل دين وأكمله لم يصلنا ببساطة وسهولة لكي نفقده كذلك ، بل علينا الحفاظ والدفاع عنه بأثمن ما عندنا ونضحّي بالغالي والرخيص في هذا السبيل.
__________________
(١) منتهى الآمال ١ : ٨٠.
(٢) بحار الانوار ١٩ : ٨٣.
(٣) بحار الأنوار ٣٢ : ٢٤١ ، و ٤١ : ٧.
(٤) بحار الأنوار ٤١ : ٢.