كان عبدة الأصنام المتعصبون يفرّون من نداء الحق بذرائع مختلفة ، فبعض منهم كان يجعل القطن في اذنيه لكي لا يسمع شيئاً من كلام الحق.
جاء أسعد بن زرارة (من كفار المدينة) يوماً إلى مكة لتهيئة بعض وسائل الحرب وحاجات اخرى ، فشاهد جنب باب المسجد الحرام واحداً من كفار مكة بيده كيس من القطن يدعو كل من أراد دخول المسجد أن يجعل قطناً في اذنيه.
سأله أسعد عن سبب ذلك ، فقال له : هناك ساحر جنب الكعبة يُدعى محمّد يسحر الناس بكلماته ، والقطن يحول دون تأثير سحره على الناس ... (١).
وكان بعض آخر منهم يجعل أصابعه في اذنيه لكي لا يسمع شيئاً من كلام الحق الجذّاب الذي يتفوّه به الأنبياء ، بل كان البعض لا يكتفي بذلك ويجعل ثيابه فوق رأسه لكي لا تنقر اذنيه ولو كلمة من كلمات الحق.
في هذا المجال خاطب نوح ربه قائلاً :
(وإنّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ واسْتغشَوْا ثيابَهُمْ وأصَرُّوا واسْتَكْبَروا اسْتِكْباراً) (٢).
وبعض آخر كان يأمر غلمانه ومن تحت يديه أن يحدث ضوضاء بالصراخ والصفير والتصفيق عند تلاوة القرآن لكي يحولوا دون سماع نغمات القرآن الجميلة.
يقول الله في الآية ٢٦ من سورة فصّلت :
(وَقَالَ الَّذينَ كَفَروا لا تسْمَعُوا لِهذا القُرآنِ والغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)
خلاصة الكلام : أن المشركين والوثنيين كانوا يحولون دون بلوغ صوت الحق أسماع الناس ، ويستخدمون لهذا الغرض أساليب مختلفة.
أسأل تارة اخرَى :
لماذا كانوا يفرّون من تذكيرات الأنبياء والرسل؟
__________________
(١) تقدم تفصيل القصة في تحليلنا لأمثال القرآن في بداية الكتاب.
(٢) نوح : ٧.