الماء فحسب. وفي اليوم الثاني جاءهم يتيم ، وفي اليوم الثالث جاءهم اسير ، وقد أعطوهما مثل ما اعطوا الفقير في الليلة الاولى ، وفي اليوم الرابع نزلت هذه السورة في حقهم ، (١) وفيها توصيف وتمجيد للانفاق ووعود بنعم عظيمة في الجنة.
وعلى هذا ، فإنّ هذه العائلة حصلت على ثواب عظيم اثر انفاقها لخمسة عشر قرصاً من الخبز.
تقول الايات ٩ و ١٠ من سورة الدهر : (إنَّمَا نُطْعِمَكُم لِوَجْهِ اللهِ لِا نُرِيْدُ مِنْكُم جَزَاءً وَلَا شُكُوْراً إنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوْساً قَمْطَرِيْراً)
النموذج المذكور وغيره من النماذج التي اثرناها عن المعصومين عليهمالسلام ، هي في الحقيقة موارد نتأسى بها نحن المسلمون لنسير قدماً نحو مجتمع اسلامي مقبول خلو من المفارقات الإقتصادية.
مما يمكن أنْ يُستشف من الاحاديث والروايات هو : أنَّ عدم الفقر والحاجة من خصائص المجتمع الاسلامي المطلوب.
أي أنَّا إذا بلغنا يوماً مستوى اقتصادياً رفيعاً وتنمية صحيحة بحيث توزع الثروة في المجتمع الاسلامي توزيعاً عادلاً في جميع البلاد الاسلامية فانا قد بلغنا ـ من الناحية الاقتصادية ـ مستوى المجتمع الاسلامي المطلوب.
إنَّ هذه العقيدة ليست شعراً ولا شعاراً ولا كلاماً عاطفياً وذات صبغة احساسية بل إنَّه مضمون رواية منقولة عن الامام الصادق عليهالسلام : محمد بن مسلم من اصحاب الامام الصادق عليهالسلام ينقل عن الامام قوله : «إنَّ الله عزوجل فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم ولو علم أنَّ ذلك لا يسعهم لزادهم. إنهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله عزوجل ولكن اوتوا من منع من منعهم حقهم لا مما فرض الله لهم ولو أنَّ الناس ادوا حقوقهم لكانوا عايشين بخير». (٢)
المجتمع الذي يضمُّ فُقَرَاء ، لا يكون الفقراء المتضرّرين الوحيدين من هذا المجتمع ، بل
__________________
(١) التبيان ج ٩ : ٢١١.
(٢) وسائل الشيعة ج ٦ ، ابواب ما تجب فيه الزكاة ، الباب ١ الحديث ٢ ، وكذا من لا يحضره الفقيه ج ٢ ، ابواب الزكاة ، الباب ١ (علة وجوب الزكاة) الحديث ٤ ، وكذا الكافي ج ٣ (كتاب الزكاة) باب فرض الزكاة ، الحديث الاول.