يَقْدِرُونَ عَلى شَيءٍ مِمَّا كَسَبُوا ...)
فالذي ينفق مع منّ واذى (كالكافر المرائي) انفاقه غير مقبول عند الله ؛ لأنَّ الإيمان هو شرط القبول ، ومثل هذين (أي المان والمؤذي من جهة والكافر المرائي من جهة اخرى) كمثل صفوان ، أي قطعة من الحجر تراكمت عليها طبقة من التراب بحيث تبدو صالحة للزراعة ، فاذا بوابل (مطر) يصيبها ليكشف عن واقعها الصلد المتحجر وعدم صلاحيتها للزراعة ، فيجدون أنفسهم (لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيءٍ) فذهبت مساعيهم هباءً ؛ لأنَّ عَملهم لم يكن عن علم ومعرفة بل كان بناءً على النظر إلى الظاهر لا الباطن والعمق.
الغيث نعمة يمكنه أنْ يروي المزارع وينمي البذور ، كما يمكنه ان يدمر الزرع. كذلك سائر آيات الله فهي تفيد المؤمنين والصالحين من بركاتها ، كما تفضح وتضل الكافرين والمنافقين.
إنَّ كلفة وزحمة المزارع الذي يزرع بذور الاخلاص والمزارع الذي يزرع بذور الرياء واحدة لكنَّ حاصل الزرعين ليس واحداً ، فاحدهما يحصل على سبعمائة ضعف والآخر قد لا يحصل على ادنى شيء بل يفقد كل ما كان لديه.
خطابات الآية
١ ـ خطابات القرآن المجيد غالباً ما تكون عامة (يا أيُّها النَّاس) و (يا بَنِي آدَمَ) و (يا أيُّها الإنْسَانُ) و (يَا أيُّها الَّذِين آمَنُوا) وهذا يعني تعميم خطابات القرآن لجميع البشر مهما كان جنسهم ومهما كانت قوميتهم ، ولذلك لا نجد في خطاباته عبارات من قبيل : (يا أيُّهَا العَرَبُ) أو (يا قريش) وما شابه ذلك.
هذه الخطابات تتضمن نقطة ظريفة وهي عولمة الدين الاسلامي ، أي ان الإسلام دين لا يختص بقوم أو بلدٍ أو قبيلة أو جنس بل هو للجميع اينما وجدوا.
٢ ـ إنَّ الرياء والتظاهر عمل لا أساس له ولا تواصل ، والمترائي والمتظاهر يحكم عليه بالفضيحة ؛ وذلك لأنَّ كلّ وقتٍ يحتمل أنْ طروّ ظاهرة تكشف عن وجه الحقيقة ، كما كشف الوابل في الآية عن حقيقة الصخرة المتحجرة.
٣ ـ إنَّ الذين ينفقون مع المنِّ والأذى كالحجارة وقلوبهم بشدة الحجارة. وما يلفت