إن هذا يفرض عليكم أن تفكروا بمراقبة الله الدائمة لكم ، والخوف من سطوته ، والرغبة في ثوابه في الدنيا والآخرة ، لتتوازن مواقفكم ، ولتتركوا أمر الأعذار التي لا معنى لها ، لأن الله يعلم منكم ما لا تعلمونه من أنفسكم ، ويملك منكم ما لا تملكون منها (بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) فلا تستطيعون إخفاء السرّ عنه ، ولا الهروب من عقابه ..
(بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً) لأنكم مهزومون في داخلكم أمام قوّة قريش في مواقعها ، بالمستوى الذي كنتم تتصورون أنها سوف تقضي على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنين ، فلا يعود أحد منهم إلى أهله أبدا ، وهذا ما دفعكم إلى التخلف عن الخروج مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنكم أيقنتم بالهلاك في هذا السير.
(وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ) من خلال التهاويل التي أثارها الشيطان في أوهامكم ، حتى خيّل إليكم أن هذه الفكرة الخائفة ، تمثل مستوى الحقيقة التي ترتاحون إليها ، (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) أن لن تنتهي المواجهة إلى نصر الله ورسوله ، (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) أي قوما لا حياة فيهم ولا خير ، تماما كما هي الأرض البور التي لا نبات فيها ولا خضرة ولا ثمار ، لأنهم لا يعيشون حسن الظن بالله الذي يفتح القلب على مواقع القوّة وآفاق النور التي تجدد الأمل في الروح واليقظة في العقل والحركة في الواقع. وهذا هو الفرق بين المؤمن الذي يملأ الإيمان بالله قلبه ، فينطلق إلى الحياة بروح واثقة به ، مطمئنة إلى النصر ، وبين المنافق الذي يعيش الاهتزاز الإيماني في روحه ، فيعيش القلق والحيرة والخوف والاهتزاز في الموقف.
* * *
السعير جزاء الكافرين
(وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ) فيتحرك عقله وقلبه ووجدانه بالكفر (فَإِنَّا