كما يبدو ـ (يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) في العقيدة (وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) في حركة الإنسان في الحياة ، حيث يبدأ الإنسان فيه من الله وينتهي إليه.
هذه هي الدعوة الكاملة ، فهي تنطلق من الكتاب باعتباره الوثيقة الإلهية الصادقة الناطقة بالحقيقة الناصعة ، فهو كتاب (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) [فصّلت : ٤٢] ، وهو ما ينبغي التركيز على في ما نريد تأكيده من عقائد ومفاهيم وشرائع ، وما نريد محاكمته من اختلاف في الآراء حول قضايا العقيدة والحياة ، باعتبار القرآن هو الأساس والمرجع.
* * *
(أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ)
(يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ) الذي يدعوكم إلى ما يحييكم ، باسم الله الذي خلقكم ورزقكم ، فهو يملك حياتكم ومماتكم ، ولن يدعوكم إلا إلى كل خير ، (وَآمِنُوا بِهِ) فالاستماع الواعي ، والتفكير المنفتح ، والحوار المتّزن ، يؤدي إلى الإيمان بالحق ، (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) فقد أخذ الله على نفسه غفران ذنوب المؤمنين الخاطئين المخلصين له ، (وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) لأن غفران الله هو الذي ينقل الإنسان من جوّ العذاب إلى جوّ الرحمة والرضوان. (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ) ، فإن الله لن يفوته أحد من خلقه ، فهو المهيمن على الكون كله ، (وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ) ينصرونه من الله ، إذا أراد الله أن يعذبه على كفره وعناده بعد إقامة الحجة عليه ، (أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) لأنهم ابتعدوا عن الصراط المستقيم ، ووقعوا في متاهات أوهامهم وشهواتهم.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَ) لأنه فوق حالة الإعياء والتعب التي تصيب المخلوقين من مواقع ضعفهم الذاتي ، (بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) على أساس المعادلة العقلية التي تؤكد أن القدرة على الإيجاد تساوي القدرة على الإعادة ، لأن المسألة هي القدرة على إبداع الحياة في