رَبُّهُمْ) فهم يتلذّذون ويستمتعون ويتفكهون بكل ما فيها من ثمار وفواكه ونعم ممتدّة أمامهم دون حدّ (وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) فهم بعيدون عن الجحيم ، لأن أعمالهم أبعدتهم عنه ، ولأن قربهم من الله أبعدهم عن مواقع عذابه.
وينطلق النداء الحنون بكل محبة ورضوان : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فليست الجنة منحة دون مقابل ، بل جزاء على العمل الصالح المنطلق من قاعدة الإيمان بالله. وتلك هي النتائج الطبيعية التي يصل إليها العاملون المؤمنون الذين عاشوا التقوى فكرا وإيمانا وحركة ونهج حياة ، بناء على وعد الله الذي وعد به عباده المتقين. (مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) في جوّ روحي يلقي بظلّه الوارف على الجميع ، وينشر المشاعر الحميمة في علاقة الناس ببعضهم البعض في الداخل ، بالمستوى الذي يربطهم بالله ، فلا مجال للتباعد فيما بينهم ، مما يجعل الأخ جالسا إلى جنب أخيه ، ليكون الشكل في معنى الصورة متناسبا مع عمق المضمون الذي يضم الجميع إلى رحمة الله.
(وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) لتتكامل لهم اللذة الحسية ، في ما يأكلون ويشربون ويستمتعون ، فتتمازج مع اللذة الروحية التي يعيشون فيها في رحاب الله.
* * *
الذرّية الصالحة تلحق بآبائها الصالحين
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ) فآمنت ذريتهم كما آمنوا ، من موقع التربية والقدوة الصالحة ، (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) ليجتمع شمل المؤمنين العائلي ، الذين أسسوا علاقاتهم العائلية على قاعدة الإيمان بالله لا على قاعدة العصبية ، ممّا جعل الواحد منهم يدعو الآخر إلى الإسلام ويقوّي موقفه ، ويدعم موقعه. فالإيمان هو الذي يوحِّد بين الناس في الدنيا ، ويجمعهم في مواقع رحمة الله في الآخرة ، وقد ورد في حديث أئمة أهل البيت عليهالسلام في ما رواه في الكافي بإسناده عن ابن بكير عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليهالسلام في قول الله عز