والنار التي تورون .. من أنشأ شجرتها؟
(أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) هل تعرفون سرّ ظهور النار عند احتكاك فرع شجرة بفرع شجرة أخرى ، كما كان العرب يفعلون عند ما يوقدون النار على الطريقة البدائية؟ ما هو دوركم في ذلك سوى أنكم تستخدمون الوسائل التي خلقها الله؟ (أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها) التي تستخرجون منها النار (أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ)؟! ... وليس هذا السؤال في موقع الترديد ، بل هو في موقع إعلان الحقيقة ، باعترافهم الذي يفرضه الواقع الذي لا مجال للشكّ فيه ، وإذا كانت الآية تتحدث عن خروج النار من الشجرة ، فلأنها كانت الطريقة المألوفة لدى العرب في إشعال النار ، ولكن الحديث عن النار حديث مطلق يشمل ما يستحدثه الإنسان من وسائل إشعالها من فحم حجريّ وبترول وكهرباء وذرّة وشمس ، وغير ذلك مما أودع الله فيه سرّ النار.
(نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً) أي موعظة للناس كونها توحي بالنار الخالدة في الآخرة التي تثير في نفوسهم الخوف والحذر ، وتدفعهم إلى طاعة الله في مواقع رضاه ، (وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) أي منفعة للمقوين ، وهم الذين ينزلون القواء وهو القفر ، وقيل : إنهم المسافرون ، وقيل : إنهم المستمتعون بها بشكل مطلق ، وربما كان هذا أقرب نظرا لشمولية الانتفاع بها.
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) الذي تؤكد هذه الأمور عظمته في وعي الإنسان المؤمن ، وتدفعه إلى التعبير عن ذلك الشعور العميق بطريقة التسبيح.
* * *