الله ، (فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) وهي الدرجة العليا التي يحس فيها هؤلاء السابقون المقربون بالراحة اللذيذة الحلوة التي تلامس الروح حتى تنفتح بها على كل مشاعر السعادة الفيّاضة بالهدوء والطمأنينة النفسية ، والاسترخاء الروحيّ في نعمة الله ، واللذة الحسية التي تتمثل في الريحان الذي يملأ الجو عطرا كأروع ما يكون ، والنعيم الذي يتمثل في الجنة التي تشتمل على كل ما تشتهيه الأنفس وتلذُّ به الأعين.
* * *
(إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ)
(وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) وهم الفئة الأخرى التي تقف في الدرجة الثانية من مواقع القرب من الله ، (فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) حيث يتلقاه إخوانه الذين سبقوه في خط الإيمان والتقوى ، ليوحي السلام إليه بالبشرى والطمأنينة والنعيم الإلهيّ الذي يجعل حياته كلها خيرا وسرورا وسلاما ، وما أحلى السلام في ذلك الموقف ، وما أندى التحية الموحية بالطمأنينة في العمق النفسي للإنسان المؤمن ، بعد الوحشة الطويلة التي عاشها في أجواء المحشر وما قبله.
(وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ) وهم أصحاب الشمال الذين كذّبوا بالرسالة وعاشوا مع الأهواء وضلوا في متاهات الانحراف ، وابتعدوا عن الله في أفكارهم وفي كل حياتهم العامة والخاصة. (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) فهو المنزل الذي ينزلون به ، (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) حيث يتصاعد اللهب إلى كل وجودهم هناك ليحرقهم من الداخل والخارج.
(إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) الذي لا مجال فيه للشك لأنه يمثل عمق الحق الذي يشرق في داخل النفس لتعيش اليقين الذي لا تهتز فيه القناعات ، ولا تزحف إليه الاحتمالات.