في إيحاءاته المنحرفة ، كما لو كان جزءا من ذواتكم ، مما يجعل من طلب المال منكم من قبل الله أو من قبل غيره ، مشكلة كبيرة تواجهونها بالجزع والرفض الكبير ، لحرصكم الشديد على بقائه في حوزتكم ، كمصدر للزهو الذاتي ، وكأساس للقيمة الاجتماعية ، وكسبيل من سبل الحصول على الأطماع والشهوات ، وهذا هو أساس البخل بالمال لدى البخلاء الذين قد تتقمصون شخصيتهم عند ما يطلب الله منكم أموالكم ، (وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) في ما تتحرك به الأحقاد للخروج من الداخل ، لتعبر عن نفسها أمام عناصر الإثارة.
* * *
العطاء عبادة
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) من أموالكم التي أعطاكم الله إياها ، ولكنكم تبخلون عليه بها ، (فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ) لأنه لا يعيش القيمة الفكرية الإيمانية لمعنى المال والملكية ، فهو عطيّة الله لعباده ، لأن كل مصادره المتحركة أو الثابتة مخلوقة له ومتحركة بأمره وخاضعة لتدبيره ، أمّا الملكية ، فهي وظيفة شرعية يحرك الإنسان المال في دائرتها في ما أوكل الله إليه إنفاقه ، من شؤون النفس ، أو من شؤون الآخرين ، ووعده الأجر الكبير إذا قام بما يجب عليه أو يستحب له من ذلك ، مما فيه رضى الله ، مما يجعل من العطاء عبادة لله ، كبقية العبادات الأخرى التي جعل الله فيها الثواب من رحمته ، كما يجعل من الامتناع عنه نوعا من الخسارة التي يفقد فيها الإنسان عطاء الله في الدنيا والآخرة ، مما يحتاجه في مسألة المصير. (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) فيمنع الخير عنها ، بالامتناع عما يؤدّي إليه ، وإذا كان الله يطلب منكم الإنفاق في سبيله ، فليس لحاجة منه إليكم ، ولكن ليفتح حياتكم على معاني الخير في العطاء ، لتحصلوا على نتائج العطاء الخيّرة على كل صعيد.
(وَاللهُ الْغَنِيُ) عن كل مخلوقاته ، في كل شيء ، لأنه المالك لكل