المنافقون يواجهون أشراط الساعة
وإذا كان أولئك المنافقون يتحركون بهذه الطريقة اللاهية العابثة الساخرة التي توحي بأن الغفلة مطبقة على عقولهم ، فقد يحتاجون إلى مواجهة المسألة في اتجاه جديد.
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) هل ينتظرون إلّا المفاجأة الحاسمة التي يقفون أمامها واجمين ذاهلين ، ذهول الرعب من النتائج القادمة كنتيجة طبيعية لذهولهم عن سماع آيات الله والإيمان بها ، الذي يشغل الإنسان عن مسئوليته في طاعة الله ، وعن وعيه لليوم الآخر؟! (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) وبدأت علاماتها تفرض نفسها على الواقع الذي يحيط بهم ، وتتجلى تلك العلامات في طبيعة الحياة التي ينتظرون فيها الموت في كل لحظة ، حيث يلاقون بعدها الساعة في عالم الآخرة ، فيواجهون حساب المسؤولية ، أو في الرسالة التي جاء بها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم باعتبارها الرسالة الأخيرة للحياة ، لأن النبي هو خاتم الأنبياء ، وقد ورد الحديث عنه : «بعثت أنا والساعة كهاتين» (١) ، وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها .. فليس بعد رسالة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا الساعة التي قد تمتد طويلا في حساب أيامنا ، ولكنها لا تمثل شيئا في أيام الله.
(فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) فكيف يتذكرون في ذلك الوقت ، وما فائدة الذكرى في حساب المصير الذي يواجهونه آنذاك؟ فقيمة الذكرى بعد الغفلة أنها تفتح للإنسان باب تصحيح الأخطاء التي حدثت في حياته ، وتغيير واقعه إلى واقع أكثر استقامة وأفضل عملا ، وهذا ما لا مجال له عند قيام الساعة التي يغلق فيها باب العمل ، وتفتح فيها نافذة المسؤولية على نتائج المصير ، ولهذا فلا بد لهم من مواجهة القضية في الدنيا ، لتكون الذكرى حركة في الخط المستقيم الذي يؤدي بهم إلى الله.
* * *
__________________
(١) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ لبنان ، ط : ١ ، ١٤١٢ ه ـ ١٩٩٢ م ، م : ٦ ، ج : ١٦ ، ـ