(فَصَكَّتْ) : ضربت.
* * *
حديث ضيف إبراهيم
وهذه قصة عجيبة في إعجازها الإلهي ، حيث رزق الله إبراهيم غلاما بعد أن بلغت امرأته سنَّ اليأس ، وهي توحي للإنسان بأن عليه أن ينفتح في إيمانه على الله دون ارتباط بالأسباب العادية المألوفة ، فإن الله يرزقه من حيث لا يحتسب ، ويحرسه من حيث لا يحترس ، ويبدع له الأسباب الخفية من حيث لا يعلم ، مما يؤكد ثقته بربّه سبحانه.
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) وهم الملائكة الذين دخلوا عليه (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً) في تحية الإسلام التي أراد الله أن تكون شعارا يخاطب المؤمنون به بعضهم بعضا ، للإيحاء بمضمون السلام الشعوري في علاقاتهم العامة والخاصة ، ف (قالَ سَلامٌ) ، في جواب ينفعل بمعنى السلام المطروح منهم.
ولكنه تساءل في قلق عن هويّتهم ، لأنه لا يتذكر أنه رآهم من قبل ، ولهذا بادرهم بالقول : أنتم (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) لأني لا أعرفكم فيمن أعرفه من الناس ، ولكن ذلك لم يمنعه من الاستعداد لتدبير أمر ضيافتهم ، (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ) أي ذهب إليهم دون أن يشعر ضيوفه بذلك ، (فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) بعد أن ذبحه وشواه كما تدل عليه طبيعة المقام ، (فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ) وعرضه عليهم ، ولكنهم امتنعوا عن الأكل ، لأنهم لا يأكلون الطعام ، (قالَ أَلا تَأْكُلُونَ) في استنكار لامتناعهم عن الأكل متسائلا عن السبب ، ولكنهم لم يجيبوا عن الموضوع.
(فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) لأنهم بدوا له ، بسبب تصرفهم غير المعتاد ، أشخاصا غير طبيعيين كضيوف ، فبادروه بالإعلان عن صفتهم الملائكية وبأنهم يحملون إليه رسالة إلهية في موضوع خاص وآخر عام ، أمَّا الخاص ، فيتصل