قاعدة الفكرة ويوضح حركة المشكلة ويدير عملية الحوار ، هو الذي يحقق ذلك ..
وهكذا يشعر الإنسان بالرحمة الإلهية في ذلك كله ، لأن الله أعطاه وجودا منفتحا على حركة الواقع ، وعلى انطلاقة الهدى في عقله وروحه وموقفه ، مما يجعل كل تجربة بيانية داخلية في حالة الاستعداد له ، أو خارجية في حالة الفعلية ، مصدر إحساس بالرحمة الإلهية في كل لحظات الفكر والتواصل البياني مع الآخرين ، وهذا واقع الإنسان في وجوده الذاتي والحركي.
* * *
الشمس والقمر من مظاهر الرحمة في الكون
ثم تنتقل السورة لتتحدث عن مظاهر الرحمة في الكون التي تتصل بالإنسان (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) فقد خلقهما الله ضمن قوانين ثابتة محسوبة حسابا دقيقا يلحظ كل حركة ، وكل موقع ، وكل حجم ، وهما في الوقت نفسه يتصلان بعمق حياة الإنسان وكل المخلوقات الحية على الأرض ، مما يجعلها تتكامل معهما في النظام الكوني الدقيق الذي أبدعه الله بقدرته وحكمته ، وقد نحتاج إلى بعض الإطلالة على ذلك ـ في ما ذكره صاحب ظلال القرآن ـ في تفسير هذه الآية.
يقول : «إن الشمس تبعد عن الأرض باثنين وتسعين ونصف مليون من الأميال ، ولو كانت أقرب إلينا من هذا لاحترقت الأرض أو انصهرت أو استحالت بخارا يتصاعد في الفضاء ، ولو كانت أبعد منا ، لأصاب التجمّد والموت ما على الأرض من حياة ، والذي يصل إلينا من حرارة الشمس لا يتجاوز جزءا من مليوني جزء من حرارتها .. وهذا القدر الضئيل هو الذي يلائم حياتنا ، ولو كانت الشعرى بضخامتها وإشعاعها هي التي في مكان الشمس منا ، لتبخرت الكرة الأرضية وذهبت بددا.