لا تلمزوا ولا تنابزوا
(وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) بالتحدث عن معايبكم ، فكأن الإنسان يذكر نفسه بالسوء عند ما يذكر أخاه بالسوء انطلاقا من وحدة المجتمع وتكامله على تنوّع أفراده ، (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) بأن يذكر أحدكم الآخر بلقب يوحي بذمه مما ينكره الناس ، أو يذكره بما يكرهه من ألقاب لاصقة به بطريقة أو بأخرى ، لأن ذلك يؤذي الناس ويسيء إليهم ويضغط على مشاعرهم وكرامتهم في المجتمع ، (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) فإن السخرية بالناس وذكرهم بما يسيء إليهم ، يوجب اتّصاف الذاكر لهم بذلك والساخر منهم بصفة الفسق التي لا تتناسب مع صفة الإيمان التي يتمثلها في نفسه ، فكيف يستبدل الإنسان بهذه الصفة الشريفة صفة مخالفة لها؟!
وقيل : إن المعنى : بئس الذكر ذكر الناس ـ بعد إيمانهم ـ بالفسوق ، فإن الحريّ بالمؤمن بما أنه مؤمن ، أن يذكر بالخير ولا يطعن فيه بما يسوؤه ، نحو : يا من أبوه كذا ، ويا من أمه كانت كذا ، والمعنى الأول أقرب ، لأن الظاهر أنها واردة في مجال التحذير من ذلك بلحاظ ما يترتب عليها من نتائج سلبية.
(وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الذين ظلموا أنفسهم بالمعصية وظلموا غيرهم بالسخرية والإساءة ، مما يجعلهم في موقع الظالمين في العقوبة والدرجة السفلى عند الله سبحانه.
وهذه بعض الضوابط التي تحفظ توازن السلوك الإنساني في العلاقات الاجتماعية ، التي يراد بها إيجاد حالة من الاستقرار النفسي والعملي الذي يفتح للمجتمع باب السلام ، ويحقق له الثبات على قاعدة العدل واحترام إنسانيته.
* * *