لا إله إلا الله غافر الذنب
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) فهذه هي الحقيقة التي لا بد من أن ينتهي العلم إليها ، ويقف عندها وقفة وعي ، ويحدد على أساسها الأوضاع والمواقف والمواقع والعلاقات العامة والخاصة في الحياة ، وهذا ما ينبغي للإنسان أن يستلهمه من كل مصادر المعرفة لديه في آفاق الكون ، وفي مواقع الفكر.
(وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) وتوجّه إلى الله مبتهلا مستغفرا في خشوع العبودية الخاضعة للألوهية الخالقة. وقد يتساءل البعض عن معنى استغفار النبي لذنبه ، وهو المعصوم عن كل جوانب شخصيته الرسالية؟!
ونلاحظ ـ في الجواب ـ أن الاستغفار ليس مردّه ذنبا فعليا ارتكبه النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم في سلوكه العملي ، ولكن مردّه البشرية التي تختزن نقاط الضعف وتوحي بالذنب ، مما يجعل الوقوع في الذنب فرضية طبيعية ، ويدفع الإنسان إلى طلب الوقاية منه بالتعبير الروحي العباديّ عن الخضوع لله وطلب رحمته ، اعترافا بنقاط ضعفه التي قد توقعه في الذنب فعليا. وربما كانت الكلمة تعبيرا كنائيا عن طلب الرضوان الذي هو هبة إلهية لعباده في ما يختزنه الاستغفار من معنى ذلك على مستوى النتيجة العملية ؛ والله العالم.
(وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) ما يمكن أن يكونوا قد وقعوا فيه من ذنوب ، أو ما يمكن أن يقعوا فيه منها مما يبعد عنهم رحمة الله ورضوانه ، فيكون الاستغفار لونا من ألوان الاستعطاف العبادي الذي يجتذب الرحمة الإلهيّة ، ويستنزل الرضوان ، (وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ) يعلم ما تتقلبون به من أمور الحياة التي تتبدل فيها الأوضاع والأحوال ، وما تسكنون وتستقرون فيه من مواقعكم ، فهو المحيط بكم من كل الجهات ، وفي جميع الأحوال ، فانفتحوا عليه ، والتزموا كل مفاهيمه وتعاليمه ، وأوامره ونواهيه ، وراقبوه في سرّكم وعلانيتكم ، في كل أفعالكم وأقوالكم ، واستشعروا في قلوبكم الخوف منه والرغبة في رضاه.
* * *
__________________
ـ باب : ٩ ، ص : ٤٣٨ ، رواية : ٣٦.