[آل عمران : ٤٩] ، وكما جاء في قوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) [الجن : ٢٦ ـ ٢٧] ، وهذا ما تؤكده الآية القائلة : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) [الأنعام : ٥٠]. فالوحي هو مصدر معرفة النبي في قضايا العقيدة والشريعة والحياة والدار الآخرة ، ضمن ما يريد الله له أن يعلمه لحاجة الرسالة إليه في ساحتها العامة والخاصة.
* * *
تواصل الوحي
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ) في موقفكم هذا الذي يتميز بالعناد القائم على العصبية ، (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ) ممن انفتحوا على الحق البارز في الوحي القرآني ، جزاء ثقافته التوراتية التي تحمله على تصديق رسول الله في رسالته ، وفي وحي الله الذي يبلّغه للناس ، (فَآمَنَ) عند ما رأى عمق الحقيقة في مسألة الإيمان (وَاسْتَكْبَرْتُمْ) عليه ، فلم تخضعوا لله في وحيه ورسالاته بعد قيام الحجة عليكم ، الأمر الذي يوحي بأن من يفتح قلبه على آفاق المعرفة ، لا بد من أن يصل إلى الإيمان ، وأنّ من يعيش روح العصبية والاستكبار يبقى في دائرة الجهل والعناد ، بعيدا عن الإيمان.
ويقول المفسرون : إن هذه الآيات نزلت في عبد الله بن سلام حيث أسلم في المدينة ، وكان عالما كبيرا ممن يملكون ثقافة التوراة في بني إسرائيل (١) ، وبذلك تكون هذه الآية مدنيّة داخل السورة المكية.
(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم بالبقاء في ساحة الجهل ، والبعد عن نور المعرفة ، والانطلاق في خط الكفر والشرك والضلال ،
__________________
(١) انظر : السيوطي ، جلال الدّين ، الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، دار الفكر ، بيروت ـ لبنان ، ١٩٩٣ م ـ ١٤١٤ ه ، ج : ٧ ، ص : ٤٣٧ ـ ٤٤٠.