يتأكد على أساس التكامل مع القيادة ، والتفاعل مع حركتها ، والاندماج بأخلاقيتها الرسالية ، ليشكلا معا مجتمعا موحدا.
هذا ما ينبغي لنا أن نتمثله في وعينا الحركي في خط الرسالة ، فلا نستغرق في الشخص إلا من خلال الفكرة التي يحركها ويقود الحياة من خلالها ويطلّ من نافذتها على الآخرين ، بحيث يكون الشخص بطل الخط ولا تكون الرسالة خط البطل.
* * *
أصحاب الرسول أشدّاء رحماء
(أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) من موقع أنهم أشدّاء على الكفر بالتزامهم الإيمان ودفاعهم عنه ، ووقوفهم ضد كل من يريد تأكيد قوة الكفر وإضعاف الإيمان .. وشدّتهم هنا ليست حالة لا إنسانية ، تمثل القسوة والتعصب والانغلاق ، بل هي حالة إنسانية غرضها الانفتاح على الإنسان من مواقع الحق الذي يمثله الإيمان ، لإغناء قيم الحرية والعدالة وتحريكها في آفاق الانفتاح على الله ، لتكون عنصرا إيجابيا في معنى تعزيز الإنسانية بدلا من أن تكون عنصرا سلبيا مضمونه الكفر.
وفي ضوء ذلك ، نفهم أن الشدّة هنا ناظرة إلى مواقع المسلمين في ساحة الصراع لا إلى موقعهم في ساحة الدعوة ، أو في ساحة التعايش ، أو في أجواء الحوار ، وهم كذلك (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) من خلال روحانية الإسلام الذي يشدّ جميع الناس إلى بعضهم البعض ، ليكونوا كالجسد الواحد ، تتفاعل المعاناة بين أعضائه ، وتناسب الرحمة في كل خلاياه ، انطلاقا من الخط الاجتماعي الذي أراد الله للمؤمنين أن يسيروا عليه في بناء علاقاتهم الاجتماعية ، وهو خط التواصي بالمرحمة ، بكل ما يعنيه ذلك من تبادل المشاعر الرحيمة والأحاسيس الحميمة والتكافل الاجتماعي.
* * *