يخض المسلمون فيه حربا ، بل كان عنوانه الصلح الفاتح ، لأن بعض تفاصيله تفسر لنا بعض مفردات هذه السورة.
* * *
صلح الحديبية : الصلح الفاتح
جاء في كتب السيرة ، أن رسول الله رأى في منامه ، أنه يدخل ، هو والمسلمون ، الكعبة ، محلّقين رؤوسهم ومقصّرين ، وكان المشركون قد منعوهم منذ الهجرة من دخول مكة حتى في الأشهر الحرم ، وصدّوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والمسلمين معه طوال السنوات الست التي تلت الهجرة عن ذلك ، حتى كان العام السادس الذي أري فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تلك الرؤيا ، وحدّث بها أصحابه ، فاستبشروا بها وفرحوا.
قال ابن إسحاق ـ في ما رواه ابن هشام في سيرته ـ : ثم أقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمدينة شهر رمضان وشوّالا ، وخرج في ذي القعدة معتمرا لا يريد حربا ... واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي من الأعراب ليخرجوا معه ، وهو يخشى من قريش الذي صنعوا ، أن يعرضوا له بحرب ، أو يصدّوه عن البيت ، فأبطأ عليه كثير من الأعراب ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بمن معه من المهاجرين والأنصار ، ومن لحق به من العرب ، وساق معه الهدي ، وأحرم بالعمرة ، ليأمن الناس من حربه ، وليعلم الناس أنه خرج زائرا لهذا البيت ومعظّما له ...
قال الزهري : وخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى إذا كان بعسفان (١) ، لقيه بشر بن سفيان الكعبي ـ قال ابن هشام : ويقال له بسر ـ فقال : يا رسول الله ، هذه قريش قد سمعت بمسيرك ، فخرجوا معهم العوذ المطافيل (٢) ، وقد لبسوا
__________________
(١) عسفان : منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة ، على مرحلتين من مكة.
(٢) العوذ : جمع عائذ : الإبل حديثة النتاج. والمطافيل : التي معها أولادها. ويراد بها هنا ـ