في أجواء السورة
وهذه سورة مكية أخرى ، ونزلت لتعالج مسألة الإيمان بالآخرة ، في أسلوب يوحي بالهول الكبير الذي ينذر به وقوع الواقعة الكبرى التي تفرض نفسها على الوعي كله ، لأنها تؤكد وجودها كحقيقة تواجه الوجود الإنساني المتحرك في ساحة المسؤولية في الدنيا ، فترفع قوما وتخفض آخرين ، وينقسم الناس فيها إلى أزواج ثلاثة ، منهم السابقون المقربون ، ومنهم أصحاب اليمين ، ومنهم أصحاب الشمال ، ولكل فريق خصائصه في الحياة العملية ، ومواقعه في الساحة الأخروية. ثم تطوف السورة بعد ذلك في جولة على مواقع النعمة في حياة الإنسان التي توحي بقدرة الله ورحمته ، لتثير في وعيه الإحساس بقدرته ـ تعالى ـ في فكرة الآخرة ، ليؤمنوا بها عقليا ، ويتحملوا المسؤولية من مواقع الوحي ، ويختاروا بين أن يكونوا من السابقين المقربين ، أو من أصحاب اليمين ، أو من أصحاب الشمال ، مما لا يوحي إلا بالتسبيح للربّ العظيم.
* * *