المصير النهائي في جهنم أو في الجنة
وهكذا يندفع كل هؤلاء المجرمين إلى نار جهنم التي تنتظر القادمين إليها من قاعدة كفرهم وإجرامهم ، (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ) بالناس الذين كفروا بالله وتمردوا عليه فلم يبق هناك مجال للزيادة ، ولكنها تستزيد (وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) فلا يزال هناك أكثر من مكان لأكثر من قادم جديد ، وربما كان هذا السؤال والجواب كناية عن اتساعها لكل الكافرين والمجرمين الذين فرضت إرادة الله دخولهم جهنم التي لا تضيق بهم ولا عنهم ، بل تسعهم جميعا.
(وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) أي أدنيت إليهم وقرّبت إلى مواقعهم كأنها تقدّم إليهم دون حاجة إلى أن يبذلوا أيّ جهد للوصول إليها ، كرامة لهم ، وكناية عن الرغبة في بذل الراحة لهم بكل الوسائل ، (هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ* مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) لأنهم لم يحتاجوا في الإيمان والالتزام به إلى الحسّ المباشر ، بل عاشوا الإحساس بوجوده وتوحيده بعمق فطرتهم ، حتى كأنه ماثل أمامهم بقوة تفوق قوة ما يراه الحسّ ، (وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) راجع إلى الله في كل أموره وفي كل تطلعاته وتوجهاته في مسألة الإيمان وفي قضايا الحياة.
(ادْخُلُوها بِسَلامٍ) فليس هناك أيّ خوف أو مكروه أو سوء ، مما قد يخشاه الإنسان لدى الدخول إلى أيّ مكان لا يعرف ما في داخله. وينطلق النداء بكل رحمة ومحبة ووداعة ليعمِّق في داخلهم السكينة الروحية التي لا مجال للقلق معها ، وليبشرهم بالخلود الذي هو عنوان هذا اليوم الذي يبدءون به حياتهم الجديدة : (ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ) الذي لا موت فيه.
(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها) مما يتمنونه وتشتهيه أنفسهم من اللذائذ والشهوات ، وتتطلع إليه نفوسهم من رغبات ، (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) مما لا تبلغه رغباتهم ، ولا تصل إليه تصوراتهم ، في ما أعدّه الله من النعيم لعباده المتقين.
* * *