بهذه النطفة وكيفية تحوّلها إلى حياة كاملة تنمو وتبدع في كل مرحلة من مراحل النموّ شيئا جديدا يتكامل بعد ذلك فيكون الإنسان السويّ.
(وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى) التي يخلق فيها الناس خلقا جديدا ليجمعهم إليه ويحاسبهم على ما عملوه من خير أو شر ، (وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى) فمنه العطاء في ما وهبه للإنسان من أنواع المال والمعاش ، الذي يحقق له الغنى في كل حاجاته ، ويؤمّن له اقتناء ما يحلو له مما ينتفع به من حيوان وبستان ودار ونحوها.
(وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى) الذي كان بعض العرب يعبدونه ، وهو نجم أثقل من الشمس بعشرين مرّة ، ونوره خمسون ضعف نور الشمس ، وهو أبعد من الشمس بمليون ضعف بعد الشمس عنَّا ، كما يقال.
إنها مظاهر قدرته في خلقه ، في أسرار إبداعه ، فما هي مظاهر قوته في مصارع الأقوياء من الطغاة الذين واجهوا الأنبياء بالتكذيب والجحود والتعسف؟
(وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى * وَثَمُودَ فَما أَبْقى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى) وهي قرى قوم لوط ، فقد أهواها أي ألقاها في الهاوية ، (فَغَشَّاها ما غَشَّى) من العذاب والدمار والخسف والتنكيل ، بما لا يعرف الناس مداه. (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى) أي تشكك وترتاب ، في عظمة خلقه ، وفي قوّة عقابه؟!
إن الوجه المقابل لما تقدم يؤكد مصيرية الحقيقة الحاسمة التي تنفتح على عظمة الله لتعبده في وحدانيته كما تشكره في نعمه ، وتلتزم بأوامره ونواهيه.
* * *
السجود حقيقة عبادية عملية
(هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) التي تطل على أجواء القيامة لتثير في النفس الشعور بالهول أمام حقيقة الآخرة.