وكذلك القمر في حجمه وبعده عن الأرض ، فلو كان أكبر من هذا ، لكان المد الذي يحدثه في بحار الأرض كافيا لغمرها بطوفان يعمّ ، كل ما عليها ، وكذلك لو كان أقرب مما وضعه الله بحسابه الذي لا يخطئ مقدار شعرة.
وجاذبية الشمس وجاذبية القمر للأرض ، لهما حسابهما في وزن وضعها وضبط خطأها في هذا الفضاء الشاسع الرّهيب ، الذي تجري فيه مجموعتنا الشمسية كلها بسرعة عشرين ألف ميل في الساعة في اتجاه واحد نحو برج الجبار ، ومع هذا ، لا تلتقي بأيّ نجم في طريقها على ملايين السنين.
وفي هذا الفضاء الشاسع الرهيب ، لا يختل مدار نجم بمقدار شعرة ، ولا يختل حساب التوازن والتناسق في حجم ولا حركة» (١).
(وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) قيل : إن المراد بالنجم النبات الذي لا ساق له كالبقل لأن الله وضع الشجر في مقابله ، ليكون الحديث عما لا ساق له وما له ساق من النبات ، تماما كما وضع القمر في مقابل الشمس ، وقد أبقاه البعض على ظاهره وهو الكوكب الذي في السماء ، والمقصود بالسجود هو الخضوع المطلق لله في ساحة العبودية ، باعتبار أنهما يتحركان في نطاق القوانين التي أودعها الله فيهما وفي الأرض التي تحضنهما ، وهما بذلك ينفعلان تكوينيا بذلك ، انفعالا يشبه الخضوع الإرادي للمخلوق الحيّ في سجوده لله ، باعتبار أن السجود هو حركة شكلية تعبر عن الخضوع لله في العمق.
* * *
(السَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ)
(وَالسَّماءَ رَفَعَها) في هذه الأكوان الهائلة ، التي تتمثل لمن هم في الأرض ، كما لو كانت سقفا مرفوعا مرصَّعا بالمزينات الكواكبية ، ليحدّقوا فيها
__________________
(١) في ظلال القرآن ، م : ٧ ، ج : ٢٧ ، ص : ٦٧٥.