والقوّة والاستكبار في الدنيا ، ويقال لهم في هذا الجوّ اللّاهب الصاحب : (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) في ما يصيبكم من أهوال جهنم وعذابها وحرّها ولهيبها.
* * *
(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ)
(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) فلكل موجود صغير وكبير قانون دقيق يحدّد له خط سيره الماديّ والمعنويّ ، ويحكم حركته في أيّ موقع ، فليس هناك صدفة طائرة في حركة الوجود ، بل هناك نظام يحكم الكون كلّه من خلال السنن الكونية التي أودعها الله فيه ، وهذا ما يخلق إحساسا لدى العلماء الذين يلاحقون أسرار الظواهر الكونية ، بوجود حكمة وراء كل ظاهرة ، وقانون داخل أيّة حركة ، مما يجعلهم يتحركون لاكتشاف تلك الحكمة وذلك القانون.
ولا يقتصر القدر على الظواهر الكونية ، بل يمتد إلى حركة الوجود الإنساني بكامله ، فهناك سنن إلهية تحكم حركة الإنسان الفرد وحركة المجتمعات ، في ولادتها وزوالها ، ويدخل الاختيار كعنصر في تلك السنن ، والإيمان بالقدرة لا يلغي الإرادة الإنسانية ، لأن معنى القدرة هو تحديد حركة الوجود وهندسة شروطه ، ليكون الاختيار جزءا من هذا القدر باعتباره دخيلا في السنّة الإلهية لحركة الوجود.
وقد يحتاج الإنسان إلى كثير من التوفر على الأبحاث العلمية المتعلقة بالإنسان والحيوان والظواهر الكونية والأسرار الخفية المودعة فيها التي تحكم حركة وجودها في دائرة التنوع ، ليعطي لكل نوع من الوجود ما يتوافق مع حاجته من خلال الظروف الموضوعية المحيطة به. وعلى ضوء ذلك ، فإن العلم يقود إلى الإيمان بشكل تفصيلي دقيق ، يدرك الإنسان من خلاله أن الله خلق كل شيء بحكمته ، فقدّره تقديرا ، وأنه الذي قدّر فهدى ، مما يجعل من التقدير تخطيطا عمليا لهداية الموجودات إلى خط سيرها الطبيعي المعقول.
* * *