بالمسؤولية عن شركهم بالله في الدنيا وعن عذابهم في الآخرة جزّاء ذلك بالتبرّؤ الكامل منهم ونفي أي علاقة لهم بالموضوع ، وتحميلهم مسئولية ضلالهم الذاتي بسبب تصوراتهم المتخلّفة ، مما يجعل الموقف موقفا عدائيا يتبادل فيه الطرفان الرفض والبراءة ، (وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ) فهم يرفضون عبادتهم من قبل أولئك ، لأنهم لا يرون لأنفسهم هذه الدرجة التي وضعوهم فيها.
ويتابع صاحب تفسير الميزان طريقته في استيحاء حياة الجمادات في عمقها الداخلي من هاتين الآيتين فيقول : «وفي سياق الآيتين تلويح إلى أن هذه الجمادات التي لا تظهر لنا في هذه النشأة أنّ لها حياة لعدم ظهور آثارها ، سيظهر في النشأة الآخرة أن لها حياة وتظهر آثارها» (١).
ونلاحظ على قوله هذا ما لاحظناه على ما قاله سابقا ، فهذه الآيات قد تكون جارية على سبيل الكناية ، أو أنها مختصة بالآلهة العاقلة المزعومة ، فإن استتار الحياة في الجمادات ، لا معنى له فيها ، أمّا خلق الحياة من جديد كما في نطق الأعضاء والجلود وشهاداتها يوم القيامة ، فهذا أمر آخر ، لا يرتبط بما ذكره في كلامه ، إلا أن يريد به ما يشمل هذا ، فنلاحظ عليه ما استوحيناه من دلالة الآيتين ؛ والله العالم.
* * *
من أساليب الكافرين في تشوية الرسالة
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) فقد كانوا يعملون على التهرب منه ، عنادا واستكبارا ، ويبحثون عن مبرّر لذلك يمكن للناس موافقتهم عليه ، فيلجئون إلى عناوين تفسّر الأشياء بطريقة تقليدية (هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) لما يفهمه الناس من السحر باعتباره فنّا ومهارة لا يمثّل الحقيقة
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٨ ، ص : ١٩٢