كما نلاحظه في اختلاف الأصوات وفي بصمات الأصابع التي لا يماثل واحد منها إصبعا آخر في جميع العصور؟
وهكذا إذا ما غاص الإنسان في عالم نفسه المملوء بالأسرار ، وجد نفسه في متاهات من العوالم المتنوعة ، لا يخرج من عالم إلا ليدخل في عالم آخر مستقل عنه ، دون أن يصل إلى نهايته ، بل يبقى هناك مجال الوصول إلى اكتشاف جديد ومعرفة جديدة في كل العوارض والطوارئ التي تتصل بحركة الوجود في داخله وخارجه ، مما يدل دلالة واضحة بالرؤية العقلية والحسية على القدرة الخالقة الحكيمة التي تدبر ذلك كله ، وتخطط له.
* * *
الرزق في السماء
(وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) ما معنى وجود الرزق في السماء؟ قد يكون المراد به أسبابه كالمطر النازل من السماء ، فإن الماء المنهمر من السماء هو الذي يمنح الإنسان الرزق في ما يحيي به الأرض ، أو يروي به المخلوقات الحيّة ، وما يهيئ له من وسائل حياته من خلال ذلك كله من غذاء ولباس وانتفاعات عامّة.
وقد يكون المراد بالكلمة المعنى الإيحائي الذي يلتقي بالتقدير الإلهي لأرزاق العباد ، مما يجعلهم مشدودين إلى الله في كل تطلعاتهم وفي كل تمنياتهم وحاجاتهم ، باعتبار أنه المصدر الحقيقي للرزق ، ليعيش الإنسان الإيمان بالله والاعتراف بالحاجة إليه في كل أموره بالمستوى الذي يربط كل مفردات حاجاته اليومية به ، وهذا ما يمكن أن نستوحيه من قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) [الحجر : ٢١].
أمّا المراد بقوله : (وَما تُوعَدُونَ) ، فقد ذكر أنه الجنة التي وعد الله عباده بالغيب .. وقيل : إن المراد به أسباب الرزق وهو غير ظاهر. (فَوَ رَبِّ السَّماءِ