إهلاك قوم لوط
وتساءل إبراهيم ـ بعد ذلك ـ عن طبيعة المهمّة العامة التي جاءوا بها ، لأن البشارة بالولد لا تقتضي مجيء مثل هذا العدد منهم أو هذا القدر من الاهتمام.
(قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ) أي ما هو الشأن الخطير الذي أرسلكم الله به؟ (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) وهم قوم لوط الذين تأصّلت الجريمة فيهم وامتدت في حياتهم حتى شملت كل ساحتهم ، فحق عليهم عذاب الله (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ* مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) تحمل علامات قضاء الله المحتوم بهلاكهم ، فقد تجاوزوا الحدود التي فرضها الله لعباده ، (فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بإخراج لوط وأهله ما عدا امرأته التي حق عليها العذاب لاتّباعها قومها ، (فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) مما يوحي بأن تجربة لوط مع قومه لم تكن موقفة ، إذ إن أحدا منهم لم يتبعه ، لأن انحرافهم كان يتصل بالغريزة الجنسية ، وتحوّل الشذوذ والانحراف لديهم إلى عادة متأصلة يتطلب تركها والابتعاد عنها كثيرا من الجهد والعناء ، ومزيدا من الإيمان ، ليتمكّنوا من الوقوف بشدة ضد نزواتهم وتسليم أمرهم إلى الله في ذلك كله.
ونزل العذاب ، فأخذهم جميعا ، ولم يبق منهم أحد ، وبقيت العبرة لمن يأتي من بعدهم ، توحي لهم بما يمكن أن يحل على من يتمردون على رسالات الله من عذاب (وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ) ليتحرك فيهم الإحساس بالخوف ، ويقودهم إلى التراجع عن خط الكفر والانحراف.
* * *