في الشّتاء ، وكذلك مغرباها ، لاختلافها في ذلك ... (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) في ما توحي به هذه الظاهرة العجيبة من نعم تتنوّع فيها الحياة؟!
* * *
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ)
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) والمراد بالبحر الماء الكثير عذبا كان أو غيره ، والظاهر أن المراد بالبحرين ، العذب الفرات والملح الأجاج ، وذلك كما جاء في تفسير قوله تعالى : (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) [فاطر : ١٢].
وقيل : «إن المراد بالبحرين جنس البحر المالح الذي يغمر قريبا من ثلاثة أرباع الكرة الأرضية من البحار المحيطة وغير المحيطة ، والبحر العذب المدّخر في مخازن الأرض التي تنفجر الأرض عنها ، فتجري العيون والأنهار الكبيرة ، فتصبّ في البحر المالح ، ولا يزالان يلتقيان» (١). (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) أي لا يطغى المالح على الحلو ليحوّله إلى مالح تبطل الحياة به ، ولا يطغى الحلو على المالح ، ليحوّله إلى حلو ، فتبطل بذلك مصلحة ملوحته ، بل يبقى لكل منهما حدوده وخصوصيته في نطاق الحاجز الخفيّ الخاضع لقدرة الله ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) أي من هذين البحرين المختلفين في العذوبة والملوحة ، وقد تحفَّظ البعض على وجود اللؤلؤ والمرجان في البحر العذب ، وأجاب البعض بأن هناك دلائل على وجودهما فيه ، وقد تقدم الكلام حول هذا الموضوع في تفسير الآية الثانية عشرة من سورة فاطر ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) مما يتعلّق بهذه الظاهرة العجيبة؟!
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٩ ، ص : ١٠٤.