لكن أبويه لا ييأسان. وتستيقظ العاطفة لتركض وراء هذا الولد الذي يخافان عليه من النار ، في ما يشبه الاستغاثة (وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ) فيطلبان منه أن يغيثهما ويهدي ولدهما إلى الإيمان ، ويلتفتان إليه (وَيْلَكَ آمِنْ) بالله وبرسوله وبرسالته وباليوم الآخر ، (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) في ما توعّد به الكافرين من النار وما وعد به المؤمنين من الجنة ، فتذكّر وعد الله ، واعمل على السير في خط النجاة والابتعاد عن خط الهلاك. ولكنه لا يأبه (فَيَقُولُ ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) لأنه يرتكز على الحسّ المادي الذي ترتبط به كل قضايا الإيمان في نظره.
* * *
أولئك حقّ عليهم القول .. ولكلّ درجات
(أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) من أمثال هذا الإنسان (فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) ممن تمرّدوا على الرسل ، وكفروا بالله ، وأنكروا اليوم الآخر ، (إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) لأنهم خسروا أنفسهم في الدار الآخرة ، في محرقة نار جهنم ..
(وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) من المؤمنين الصالحين ، أو الكافرين الظالمين ، في ثواب الله وعقابه ، في درجات الرضوان في الجنة ، وفي دركات العذاب في النار ، (وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) لأن الله يمنح كل عامل بحسب طبيعة عمله ، من موقع العدالة الإلهية التي لا تفرّق بين الناس إلا بالعمل القائم على الإيمان والتقوى.
* * *