الإحباط في العمل في الدائرة الإيمانية ، وأبقاه في دائرة الكفر الذي يعقب الإيمان ، لأن الكفر يلغي العمل كله.
وهناك أقوال أخر تتحدث عن مفردات الأعمال الخاصة التي تؤثر بالبطلان. وجاء في تفسير الميزان ، أن «المراد بحسب المورد ، من طاعة الله ، طاعته في ما شرّع وأنزل من حكم القتال ، ومن طاعة الرسول ، طاعته في ما بلَّغ منه وفي ما أمر به منه ومن مقدماته بما له من الولاية فيه ، وبإبطال الأعمال ، التخلف عن حكم القتال ، كما تخلف المنافقون وأهل الردة» (١).
ولكننا نلاحظ أن الظاهر من الآية ورودها في مقام بيان القاعدة الكلية للمسألة ، ليترتب عليها الفروع الصغيرة ، في ما يبتلى به المسلمون من ذلك ، ولعلّ ما ذكرناه في تفسيرها هو الأقرب إلى جوّ الاية التي تريد أن تجعل الأعمال التي يقوم بها المسلمون في دائرة الأقرب إلى طاعة الله وطاعة الرسول ، حتى لا يكون جهدهم ضائعا وعملهم باطلا ؛ والله العالم.
* * *
(فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ)
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) ، لأن المغفرة لا تكون إلا للذين يموتون على الإيمان ، سواء منهم المؤمنون أو الذين آمنوا بعد الكفر ثم استمروا عليه حتى ماتوا ، أما المرتدّون الذين يتحولون إلى الكفر بعد الإيمان ، فحالهم حال الكفار الأصليين في عاقبة أمرهم.
(فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) انطلاقا من ضعف الإرادة واهتزاز الموقف والخوف من الموت ، لتقفوا أمام دعوة الرسول للجهاد موقف الخائف المتخاذل المهزوم نفسيا ، الذي يعيش روحية الهزيمة وينهزم قبل دخول المعركة ، لتدعوا
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٨ ، ص : ٢٥١.