الواقعية ، تماما كما هو الشؤم في ما يتوقعه الإنسان من غيب المستقبل ، لأن القضية في مسألة الشؤم ، هي قضية النتائج. (تَنْزِعُ النَّاسَ) تقتلعهم من الأرض وترميهم في الهواء (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) كصورة حيّة للتهشيم والتحطيم الذي يصيب الناس عند انطلاق العاصفة الهوجاء.
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) فهل عرفتم كيف يعذب الله المتمردين على رسالاته بتجنيد الطبيعة الخاضعة لإرادته ، في ما تتحرك به الرياح في كل مكان .. (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) ليتذكر الناس من خلال العبر التاريخية التي تعطي الإنسان دروسا مستقبلية في حياته (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) يستجيب لذلك ، فيتعلم من التجارب التي عاشها الآخرون ، لئلا يقع في ما وقعوا فيه؟!
* * *
وثمود في خط الذكرى والعبرة
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ) وهذه جماعة عاشت في التاريخ القديم ، وواجهت الرسول بالموقف المتمرّد الذي يرفض الحوار والتفاهم ، ويؤكد الحالة العدوانية التي لا تتكلم إلا بلغة العنف والتهديد ، وهكذا تحدثوا بمنطق أهوج ضالّ في العقلانية (فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) فما هي ميزته علينا ، وكيف يطلب منا أن نتبع دعوته ونرتبط بقيادته في المجال الفكري والعملي؟
(إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) إذا صدّقناه ، فلا يصدقه إلا ضالّ أو مجنون ، (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا) في ما يدعيه من إنزال الوحي عليه من الله من خلال دعواه الرسالة؟! (بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ) يحركه البطر والتعاظم الذي لا ينطلق من موقع الحقيقة.
ولكن ما قيمة هذا المنطق؟ فلما ذا لا يمكن أن يكون الرسول واحدا منهم ما دام يملك الكفاءة الروحية والعملية التي تؤهله للقيام بهذه المهمّة العظيمة؟ وهل يتصورون أن المميزات التي يحددون على أساسها القيمة الاجتماعية في