يشعر بعمق الحاجة إليه في كل أموره وأوضاعه ، ليعيش حضور الله في كل مفردات الحياة في الأرض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
* * *
قانون الزوجية في الكون
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) مما تعلمونه ، ومما لا تعلمونه من المخلوقات الحية والنامية وحتى الجامدة ، فقد اكتشف الإنسان أن الذرة ، التي قيل إن بناء الكون يرجع إليها ، مؤلفة من زوج من الكهرباء موجب وسالب ، وربما تكشف الأبحاث العلمية عن أشياء أخرى في هذا المجال ، والقضية التي تفرض نفسها على التفكير في هذه المسألة ، هي أن الله ـ في شمول عبارة «كل شيء» ـ يؤكد على وحدة الأساس الذي يرتكز عليه النظام الكوني ، وهو قانون الزوجية الذي تتنوع مفرداته وأشكاله وأوضاعه وأساليب حركته ، مما يفتح أمام الإنسان باب السعي لاكتشاف التفاصيل ، ذلك أن الله أراد لكتابه أن يشير إلى العنوان ، ليبحث الناس في المعنون الذي يختفي وراءه تارة ، وأراد أن يشير إلى المنهج أخرى ، لينطلق الفكر لاكتشاف مفرداته. فالقرآن لا يدخل في تفاصيل النظرية ، بل يوحي بها ، كمنطلق للبحث وللتفكير.
(لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) في ما يعنيه التذكر من انفتاح الفكر على كل المواقع التي توسّع آفاقه ، وتبعد عنه الغفلة والغيبوبة في الضباب ، (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) وتخلّصوا من كل القيود التي تثقلكم وتمنعكم من الانطلاق في رحابه وساحة قدسه ومواقع رضاه ، ومن كل الأوضاع التي تحاصركم وتعطل حركتكم نحوه ، ومن كل الأشخاص الذين يريدون وضع الحواجز التي تحول بينكم وبين الوصول إليه في خط رسله ورسالاته مما يجعلكم بعيدين عن طاعته ، ويعرضكم لعقابه وللبعد عن رحمته ، (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) فليس الفرار إليه فرارا من مكان إلى