الوقت الطويل الذي تتخلصون فيه من رواسب الشرك في خيالاته وعاداته وتقاليده ، وتنفتحون فيه على أفكار الإيمان في حقائقه وشرائعه ومناهجه ، وتختزنون ، من خلال ذلك ، الروحية الإيمانية الصافية المنطلقة مع إشراقة النور الإلهي في عقولكم وقلوبكم.
(وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) في المعنى الحقيقي الذي يأخذ الدين كله فكرا وعملا ، لتبتعدوا عن الازدواجية بين ما هو الواقع الداخلي في قناعاتكم وانفعالاتكم وما هو الواقع الخارجي في سلوككم وأوضاعكم ، لتتوحّد الشخصية بالإيمان الفكر ، والإيمان الموقف (لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً) أي لا ينقصكم شيئا منها ، لأن الطاعة الحقيقية الكاملة تستوعب النتائج كلها على مستوى رضوان الله وثوابه ، (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فهو الذي يغفر الذنب برحمته ، فلا يبقى للذنب أيّ أثر في ما يمكن أن يتركه من سلبيات على مصير الإنسان عند الله.
* * *
صفات صادقي الإيمان
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا) فهم على وضوح شامل بكل قضايا العقيدة في التوحيد والنبوّة واليوم الآخر ، فلم يقفوا أمام علامات الاستفهام موقف حيرة وضياع ، بل موقف تأمل وحوار يتابع الأمور من موقع العمق الفكري ، بحيث لا تبقى شبهه تهز الإيمان أو تسقطه ، وهكذا واجهوا الموقف بامتداد القناعة من خلال امتداد الوضوح ، ولم يقف الأمر بهم عند هذا الحدّ ، بل تابعوا القضية في مستوى الموقف ، (وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) فلم يبخلوا بأموالهم على الرسالة عند حاجتها إليها ، ولم يبتعدوا بأنفسهم عن مواقع الخطر في ساحة التحدي والجهاد الذي لا يتوقف عند حدِّ ، بل يعطي كل شيء في مواقع الحاجة وفي دائرة المسؤولية.