أوقاته ، ويبني له ضميره الواعي ، وشخصيته الإسلامية الملتزمة ، ويؤكد على أن القيمة الإنسانية التي تمثل أساسا للتكريم ، هي العمل في الخط المستقيم المنفتح على الله وعلى الحياة وعلى الإنسان من موقع المسؤولية ، ليكون العمل هو القيمة ، لا خصوصيات شخصية الإنسان.
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) في ما تلتزمون به من الحدود الشرعية في خطوط الحلال والحرام ، بحيث لا تتجاوزونها إلى غيرها مما تفرضه عصبياتكم القومية والعرقية والجغرافية ونحوها.
* * *
هل الإسلام يلغي الخصوصيات الإنسانية؟
لكن هل يعني ذلك رفض الخصوصيات الإنسانية؟ هنا يبرز سؤال يبحث عن إجابة: ما هي نظرة الإسلام إلى الخصوصيات على المستوى القومي والعرقي أو الجغرافي ، هل يقف موقف الرفض لكل صفة إنسانية خاصة غير التقوى أم يتجاوب معها في حدود معقولة؟
الجواب عن ذلك ، هو أنَّ إلغاء الخصوصيات لا يمثل أمرا واقعيا ، لأن الإلغاء لا يغيّر شيئا من طبيعة المسألة الذاتية ، أو من تأثيراتها الموضوعية ، باعتبار أن تلك الخصوصيات تدخل في تكوين الذات في العمق ولا تمثل حالة هامشية ، مما يجعل وجود الخصوصيات مشكلة غير قابلة للحل ، كما أن العمل على إلغائها يضاعفها عمليا ونفسيا.
وعلى ضوء ذلك ، فإن الإسلام يشجع على تحريك الخصوصيات في دائرتها الداخلية بجانبها الإيجابي الذي يدفع الإنسان إلى التفاعل عاطفيا وعمليا مع من يشاركونه تلك الخصوصيات والقضايا المتعلقة بها ، ولكن بشرط أن لا تتحول تلك المشاركة إلى عقدة عصبية تأخذ بعدا عدوانيا تجاه الآخرين ، بحيث تبتعد عن الخط الذي وضعه الإسلام في تشريعه للقاعدة التي تقوم عليها