وغيرهم. وفي مطلق الأحوال ، لم يثبت وجود مرصد وقت حدوث الآية ، وهو على ما في بعض الروايات أوّل الليلة الرابعة عشرة من ذي الحجة سنة خمس قبل الهجرة.
على أن بلاد العرب كانت تختلف بالأفق مع مكة ، مما يوجب فصلا زمانيا معتدا به ، وقد كان القمر ، على ما في بعض الروايات ، بدرا ، وانشق في حوالي غروب الشمس حين طلوعه ، ولم يبق على الانشقاق إلّا زمانا يسيرا ، ثم التأم فيقع طلوعه على بلاد العرب ، وهو ملتئم ثانيا.
وقد يجاب عن هذا بأن من الممكن التسليم بالفكرة التي يثيرها الجواب الثاني ، أما بالنسبة إلى الجواب الأول فليس هناك مجال للتسليم به ، لأن مسألة انشقاق القمر بالطريقة التي تثيرها الروايات ، تمثل حادثا خطيرا لم يعهده الناس في حياتهم ، مما يجعل إمكان غفلة البعض عنه لا تبرر غفلة الأكثر ، لا سيما في تلك المناطق التي يراقب فيها الناس القمر مراقبة دائمة باعتباره مصدر الضوء في لياليهم التي لا يملكون فيها إلا طرقا بدائية في الإنارة ، ولذلك فإن هذا الحدث لو كان ، لذاع وشاع وملأ الأسماع ، كما يقولون ، ولا ستمر الحديث عنه مدّة طويلة ، ولكان يوما تاريخيا يخلّده الناس في ما يؤقتون به الأمور على طريقتهم المعروفة في حساب التاريخ بالأيام التي تحمل حدثا كبيرا لا يختلف الناس فيه لضخامة الأثر الذي يتركه في حياتهم.
وفي ضوء ذلك كله ، فإننا نتحفّظ في المسألة ، لأننا لا نجد أساسا يقينيا للالتزام بهذه الروايات ، كما لا نجد ظهورا قرآنيا في تحديد الموضوع بزمان الرسالة.
* * *
مصير الذين يتّبعون أهواءهم
(وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) فلم ينطلقوا في ذلك من منطلقات التفكير العاقل ليناقشوا الدعوة من خلال عناصرها الفكرية والروحية ، بل انطلقوا من