من تطويل الأمل الذي يثير فيهم أحلام البقاء والامتداد في الحياة ، حتى ينسيهم الموت ، ويبعدهم عن الآخرة ، (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ) من المشركين أو اليهود الذين كانوا يبحثون عن ثغرة في المجتمع الإسلامي لينفذوا من خلالها إليه ، فوجدوها في المنافقين الذين كانوا يفتشون عن قوّة يستندون إليها ، وهذا هو ما جعلهم يقولون للكافرين من المشركين واليهود (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) مما ترسمونه من مخططات التآمر على الإسلام ، في ما تحتاجون فيه إلينا ، وقد يفرض علينا الموقف أن لا نطيعكم في البعض الآخر حتى لا ينكشف اتفاقنا معكم ، فتفسد الخطة المرسومة ، ولكن هذا الحوار الدائر بين المشركين والمنافقين لم يخف على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، نتيجة ما عرَّفه الله منه ، (وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) في ما أسرّوه لهم من كلمات التآمر.
* * *
المنافقون وكرههم رضوان الله
(فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) هل يستطيعون الانتصار لأنفسهم ، أو يجدون من ينصرهم على الملائكة من الكافرين؟ (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ) بالتحالف مع الكافرين ، للإضرار بالمسلمين (وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ) والتكامل مع المؤمنين في خط الإيمان ، والعمل بطاعة الله ، والسير على منهجه ، وقتال أعدائه ، (فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) وأبطلها وحوّلها إلى هباء ، فلم يحصلوا من جهدهم على شيء.
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) من المنافقين (أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ) التي يخفونها في صدورهم ، في ما تشتمل عليه من الحقد الشديد ضد الإسلام وأهله ، مما يكشف أمرهم للناس ، فلا تنطلي حيلتهم عليهم؟! (وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ) التي تحدد ملامحهم وصفاتهم بالطريقة التي لا يبقى معها ريبة ، (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) لأن كل جماعة لها أسلوب خاص في الكلام