وعن استرقاقه ، في الوقت الذي يجد الإنسان فيه بعض الروايات الدالة على تخيير الوليّ للمسلمين ، في دائرة الاسترقاق أو القتل. وقد جاء في مجمع البيان للطبرسي قال : «والمرويّ عن أئمة الهدى ـ صلوات الرحمن عليهم ـ أن الأسارى ضربان : ضرب يؤخذون قبل انقضاء القتال ، والحرب قائمة ، فهؤلاء يكون الإمام مخيّرا بين أن يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويتركهم حتى ينزفوا ، ولا يجوز المنّ ولا الفداء.
والضرب الآخر ، الذين يؤخذون بعد أن وضعت الحرب أوزارها وانقضى القتال ، فالإمام مخيّر بين المنّ والفداء ، إمّا بالمال أو بالنفس ، وبين الاسترقاق وضرب الرقاب ، فإذا أسلموا في الحالين ، سقط جميع ذلك ، وكان حكمهم حكم المسلمين» (١).
وقد يكون ذلك منطلقا من الحكم الخاضع للمصلحة التي يجدها وليّ الأمر في ذلك ، أو في عدم الاحترام الذاتي للكفار إلا أن يسلموا ، مما يجعل الخيار طبيعيا من هذه الناحية ، لا من الحكم الخاص بالأسرى ، أو من نسخ هذا الحكم بالآيات المذكورة في سورة التوبة التي ألمحنا إليها وإلى مناقشة فكرة النسخ آنفا.
* * *
لو شاء الله لأنتم منهم
(ذلِكَ) الحكم الذي أصدره الله بالقتال ، هو الموقف الذي تقتضيه طبيعة الصراع القويّ ، (وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ) فأهلكهم وعذّبهم من دون حاجة إليكم في إنفاذ ذلك ، (وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) ليمتحن المؤمنين بالكفار ،
__________________
(١) الطبرسي ، أبو علي ، الفضل بن الحسن ، مجمع البيان في تفسير القرآن ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ لبنان ، ط : ١ ، ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م ، ج : ٩ ، ص : ١٢٦.