(وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) بكل ما توحي به من عظمة الخلق ، وجلال الصنع ، ودقة النظام ، وروعة الإبداع ، (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) لأن الله ، في قدرته المطلقة ، لا يعرض على ما يعرض على المخلوقين من جهد وعناء ، فلا يعجزه شيء من مخلوقاته ، كما لا يعجزه الخلق نفسه بكل ما فيه من جوانب العظمة والإبداع.
* * *
اصبر على ما يقولون
(فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) مما يثيرونه حولك من شبهات وافتراءات وأكاذيب واتهامات ، فإن الرسالة لا تستطيع أن تشق دربها في عقول الناس وفي حياتهم ، إلا عبر مواقع الصراع ومقارع التحديات التي تحرّك المشاعر ، وتزرع الشكوك ، وتثير المشاكل ، الأمر الذي يستدعي من الرسل والرساليين الصبر وإعداد خطة ممتدة في الزمن لاحتواء الفكر كله بالحجة والبرهان والسيطرة على الواقع ، وتجاوز ضغط الظروف الصعبة والمراحل القاسية ، ليكون النصر حليف الرسالة في كل مسيرتها في حياة الناس ، لأن الزمن كفيل بتجاوز كل المشاكل الصغيرة في نطاق الحركة في القضايا الكبيرة.
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) فإن التسبيح بحمده يفتح كيانك على الإحساس بعظمته في ما يوحي به ذلك من احتقار كل من عداه ، وليكن تسبيحك (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) لتبدأ يومك في صلاة الفجر بالانفتاح على الله ، ليكون يوما إلهيا على طريق رضوانه والثقة به ، (وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) عند ما يتوسط النهار في صلاة الظهر والعصر ، ليتوقف الإنسان الداعية ، من رسول وغيره ، أمام كل ما يثيره جو الحركة العامة في حياته وحياة الآخرين من أوضاع وتحديات ، ليكون التسبيح مصدر ثقة روحية للثبات في الموقف ، (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) في صلاتي