كانت الآية قد نزلت مع الآيات السابقة ،. أمَّا إذا كانت قد نزلت بعد معركة خيبر فلا إشكال ، (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) من أهل مكة ، فلم يقاتلوكم ، ذلك أن النبي عند ما قصد خيبر ، همّت بعض القبائل أن تغير على أموال المسلمين وعيالهم بالمدينة ، فقذف الله في قلوبهم الرعب.
(وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) إذ في ما يحققه الله من وعده بالغنيمة والفتح والنصر علامة من علامات الإيمان التي تقوّي ثقتهم بالله وبوعده ، (وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) في الخط الذي تسيرون عليه ، بالانقياد إلى الله فيه ، والطاعة لأوامر الرسول ونواهيه ، والجهاد في سبيل الله.
(وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) من الغنائم التي لا تملكون وسائل الحصول عليها ، لعدم وجودها تحت متناول أيديكم ، (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) فلا ينال شيء إلا بقدرته التي تحتوي الأمر كله.
* * *
نصر المؤمنين سنة الله تعالى
(وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ) فقد كانوا في موقع الضعف الروحي والمادي بسبب الخوف الذي دبّ في قلوبهم ، والتعب الذي سيطر عليهم ، لذا قبلوا بالصلح لأول مرّة ، ولولا ضعفهم ذاك لاستمروا في القتال لأن دوافعهم للقتال لا تزال موجودة ، فالمسيرة النبوية بالنسبة لهم تمثل تحديا وهجوما ، (ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) ، لأن الله إذا أراد نصرة المؤمنين عليهم ، لأنه وليهم ، فلن يستطيع أحد أن يدفع عنهم الضرر الذي أراد لهم أن يخضعوا له.
(سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ) في نصرة أنبيائه والمؤمنين معهم إذا أخذوا بأسباب النصر ، واعتمدوا وسائله ، وتحركوا في اتجاهه من موقع الإخلاص له ، والطاعة لرسوله في مواقع القيادة أو في مواقع النبوّة ، (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) لأن السنن الكونية الإلهية التي تحكم حركة المجتمعات