خطر على المجتمع ، لأن العيب قد يؤثر تأثيرا سلبيا على سلامته ، كما إذا كان هذا الشخص جاسوسا خفيا للأعداء الذين يكيدون للأمة أو للشخص البريء ، مما يجعل من إخفاء صفته خطرا محققا على سلامة الفرد أو المجتمع ، أو لأن إخفاء العيب يؤثر على نفس صاحبه ، باعتبار أن ظهوره قد يدفعه إلى إصلاحه ، وإلى تغيير موقفه أو شخصيته ، فتكون الغيبة مصدر خير له ، كما تكون مصدر سلامة وخير للفرد والمجتمع في الفرضية الأولى.
وهناك نماذج أخرى مماثلة لهذه النماذج ، مذكورة في كتب الفقه ، كما أن هناك خطا عاما في ما ذكرناه قد يفتح القضية على أكثر من نموذج في حركة الواقع على صعيد ما يكشفه المستقبل من قضايا. ولكن هذه الاستثناءات لا تلغي القاعدة ـ وهي حرمة الغيبة ـ بشكل عام ، بالمستوى الذي جاءت به الأحاديث بأنها من الكبائر التي يستحق عليها المذنب دخول النار (١) ، مما يفرض على الإنسان أن يتقي الله في سلوكه من هذه الناحية لتقوده التقوى إلى الابتعاد عنها.
* * *
من هم الذين تحرم غيبتهم؟
تحدّث الفقهاء عن الأشخاص الذين تحرم عيبتهم ؛ هل هم كل المؤمنين بالله الملتزمين بخط الإسلام ، أم جماعة معينة منهم فقط؟ ولكننا نلاحظ أن
__________________
(١) جاء في الدر المنثور أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «الغيبة أشد من الزنى ، قالوا : يا رسول الله ، وكيف الغيبة أشد من الزنى؟ قال : إن الرجل ليزني فيتوب ، فيتوب الله عليه ، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتّى يغفرها له صاحبه». [الدر المنثور ، ج : ٧ ، ص : ٥٧٦]. وجاء في حديث الإمام الصّادق عليهالسلام أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الآكلة في جوفه». [الكافي ، ج : ٢ ، ص : ٣٥٦ ، رواية : ١].