(وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ)
(وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) فليس الله بحاجة إلى مقدّمات وأسباب لإنجاز إرادته للأشياء ، لأن إرادته هي السبب في وجود الشيء على حسب الشروط التي يريدها للوجود ، فلا تتخلّف إرادته في التكوين عن وجود الأشياء ، ولعل التعبير بكلمة (كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) وارد على سبيل الكناية باعتبار أقرب لحظة زمنية للوجود ، لتقريب الصورة بالصورة الحسيّة. وعلى ضوء ذلك ، فإن قيام الساعة لا يحتاج إلى كثير من التعقيدات في ما يتصوره هؤلاء المشركون الذين يجادلون فيها ، لأن المسألة هي أن يريد الله قيامها فتقوم دون حاجة إلى وقت طويل أو سبب خارجيِ
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ) ممن يتفقون معكم في العقلية والأخلاق والسلوك ، من الأمم التي سبقتكم ، في ما تسيرون عليه تقليدا لهم (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) يتذكر ما صاروا إليه ليعرف ما يمكن أن يصير إليه؟ (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) في كتاب الله الذي يحفظ فيه حدود الأشياء (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) فكل ما يفعله الإنسان من صغائر الأعمال وكبائرها مسجّل عند الله في سعة علمه. فهذه هي الحقيقة التي يجب أن يختزنها الإنسان في عمق وعيه ، ليعرف أن الله أحصى كل شيء عددا ، وأن كتاب الإنسان الذي يقدَّم إليه يوم القيامة ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، وسيجد كل ما عمله حاضرا ولا يظلم ربك أحدا.
* * *
مصير المتّقين
وإذا كان الحديث كله عن مصير المشركين في هذا التفصيل الطويل ، فما هو مصير المؤمنين المتّقين؟